ما يشكل خطراً كبيراً على السيارات وعلى المواطنين بطبيعة الحال، وهذه العملية تجري تهريباً.. أي من دون أخذ موافقة الجهات المختصة التي تبني قرارها على فحوصات فنية ودقيقة.
بدأت بالتحقيق، ووصلتُ بتقصّي المعلومات إلى طريقٍ مسدود، ورحتُ عبثاً أبحث عن منافذ من هنا وهناك إلى أن توصّلتُ إلى منفذٍ بدا لي ضيقاً في تلك الأثناء ولكنه بالنهاية غير مستحيل.
المنفذ كان بأن أذهب إلى حلب، فهناك خبير فذّ بشؤون السيارات، أعطوني اسمه وعنوانه، وعلى الرغم من أنني لم أكن وقتها قد زرتُ حلب من قبل، طلبتُ أذن سفر فتجاوبت الإدارة وذهبت.
وصلتُ إلى حلب كالأبله، لا أعرف الشرق من الغرب، ولكن تصميمي على معرفة الحقيقة كان أقوى من كل هذا التيه، سألتُ عن عنوان هذا الخبير، وكان في حيّ (الرّاموسة) وصلتُ إلى هناك فعلاً.. الشارع الرئيسي الصاخب ممتلئ بمحال صيانة وإصلاح السيارات، ورحت أسأل عن ذلك المحل الذي أقصده، فعثرتُ عليه.
كان هذا الخبير من الإخوة الحلبيين ومن أصلٍ أرمني، وقد عرفتُ ذلك من لَكنته الجميلة المُحبّبة، وما إن سألته عن القضية حتى أوضح لي بعض المعلومات التي استكملتُ من بعدها التحقيق مباشرة، ومن ثم تمّ نشره هنا في صحيفة الثورة.. في ثمانينات القرن الماضي.
ليس هذا مهماً.. المهم الذي أودّ الوصول إليه وقوله، هو أنني تشكّرت هذا الخبير كثيراً على معلوماته التي عجزت عن إيجادها عند غيره، فنظر إليّ باسماً وقال: هذه بسيطة يا بني.. وما دمتَ صحفياً سأقول لك شيئاً: لو سمعوا مني لكان في حلب اليوم مصنع ضخم للسيارات.. قلتُ له: كيف؟! فقال وبثقة عالية: أنا أستطيع أن أصنع السيارات.. وأستطيع أن أبني مصنعاً.. وأراهن بأن أنافس سيارات كثيرة في العالم.. ولكنهم لم يسمحوا لي بذلك.. قالوا لي: القانون لا يسمح .. لأن السيارات يجب أن تُجمرك.. وإن صنعتها هنا تصير محلية ولا نستطيع جمركتها!!
في الواقع يمكننا أن نقول الكثير .. ونستنتج الكثير أمام هذه الحكاية .. ولكن الأهم من ذلك الآن هو أن لا نتردد في دعم ورعاية حلب .. ولا سيما صناعة حلب .. ففي حلب عقولٌ صناعية مُبدعة بطبيعتها، فإن أحسنّا دعمها واستثمارها لانقلب اقتصادنا من حالٍ إلى حال.