ولا على نيات ومشاريع سياسية خارجية .. انتهزت الفرصة لتحميل أجنداتها الخاصة على ما ادعت أنه حراك سوري داخلي , بل على جملة من هذه الحيثيات التي لم يكن الحراك السياسي الداخلي إلا الجزء الأصغر وغير المرئي بالعين المجردة منها .
ولأن جملة هذه الحيثيات لا تزال تعمل وبوتائر عالية حتى الآن , في مقدمتها الإرهاب ومجموعاته المسلحة المتسللة عبر الحدود وتمويلها وتسليحها وتحريضها الخارجي القطري السعودي التركي , فإن أي حل سياسي للأزمة لا يمكن أن يقتصر أيضا على حيثية واحدة دون غيرها , وبالتالي لا يمكن للميل الذي تتشدق به المعارضة أياً كانت إلى الحوار وقبولها مبدأ النقاش على الطاولة أن يكون كافياً لمباشرة الحل السياسي .. وإلا فكيف يكون الحوار حواراً ناجعاً وحقيقياً فيما العصابات المسلحة لا تزال تقتل وتخرب وتهجر الآمنين والمدنيين , وكيف للحوار أن يكون حواراً فيما سيل السلاح والمال لا يزال منهمراً على هذه العصابات من جهات عدة , وكيف للحوار أن يكون حواراً إن لم تعد وحدات الجيش إلى ثكناتها بعد أن تطمئن على أمن الوطن والمواطن ؟؟
الحذلقة السياسية في ادعاء قبول الحوار أو الموافقة على مبادئه لم تعد تجد , ولا هي غائبة عن أذهان السوريين الذين باتوا يعرفون جيداً أن من يقبل بالحوار عليه أن يتوقف أولاً عن إطلاق الرصاص إن لم يكن إلقاء السلاح نهائياً , والذين باتوا متأكدين تماماً أنه لولا وجود العصابات المسلحة والإرهابية لما احتاج الجيش نشر وحداته والرد على حرب الإرهاب المعلنة على سورية الوطن والسوريين المواطنين !
القبول الجدي بالحوار في هذه الأزمة السورية المركبة يعني أكثر كثيراً من مجرد تصريحات إعلامية وحذلقات سياسية مكشوفة .. يعني تماماً وفي أضعف حالات الإيمان , وبصورة لا تقبل التأويل أو المماطلة أو التسويف أو التبرير , وقف الحرب الإرهابية المعلنة على سورية والسوريين , ويعني وقف تمويل وتسليح وتهريب هذا الإرهاب نهائياً , ويعني فك الارتباطات مع الخارج أياً كان شكلها وحجمها ومبرراتها , بعدها يمكن للمائدة المستديرة أن تجمع السوريين جميعاً مهما تعددت أطيافهم وفئاتهم !!