فقبل أيام أصدرت وزارة الإدارة المحلية والبيئة تعميما طلبت بموجبه من وحداتها الإدارية والبلديات ومديريات الخدمات الفنية عدم إجازة أي تقسيم للأراضي الزراعية بهدف استثمارها في البناء, أو منح أي ترخيص بالبناء وقمع أي مخالفة.
نعتقد أن مثل هذا التعميم لايستحق التعليق بسبب عدم جديته وسيبقى مجرد حبر على ورق, ومع ذلك آثرنا تسطير بعض الملاحظات لأكثر من اعتبار وسبب..
أولا: هذا المضمون وذات الجمل والمفردات سبق للوزارة أن أصدرتها وذكرت بها عشرات المرات على مدار العقود الماضية, والطبعة الجديدة بكل حروفها وفواصلها ونقاطها, هي عبارة عن صورة (فوتوكوبي) عن التي سبقتها, ومازالت محفوظة في الأدراج لاستخدامها عند الضرورة, ولا نستبعد أن تكون الوزارة قد أصدرت التعميم من جديد, من باب تحسين صورتها تزامنا مع انتخابات الإدارة المحلية التي جرت قبل أيام.
ثانيا: حتى لو افترضنا, وهو افتراض غير واقعي أو منطقي, بأن البلديات والوحدات الإدارية سوف تأخذ التعميم الجديد على محمل الجد وتلتزم بتنفيذه حرفيا.., فأين المساحات الزراعية التي بقيت على حالها في محافظتي دمشق وريفها أو غيرها من المحافظات?! والأهم من هذا وذاك.., هل تخلصت المؤسسات الرسمية من سلوكيات الفساد وبات من المتعذر شراء ذمم البعض في البلديات والوحدات الإدارية..ثم ماذا عن العقوبات القانونية التي من شأنها جعل المخالفين يحسبون ألف حساب قبل التعدي على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى كتل من الاسمنت?!
في حال العودة إلى القانون رقم 1 لعام 2003 والذي يعالج حالات تشييد مخالفات البناء, نجد أن العقوبة التي تتخذ بحق المخالفين, تتمثل في إجبار أصحاب المخالفات بتسديد غرامة مالية تتراوح بين 25 إلى 100 ألف ليرة.. وبات من المعروف, أن هذا الرقم لايعني شيئا على الإطلاق وهو من طرف الجيبة مادام أن الأرباح تعود على هؤلاء التجار بعشرات الملايين ,من مخالفة واحدة فقط.. بمعنى أو بآخر, وقف الزحف على الأراضي الرزاعية ليس مرهونا بالقوانين ولابالقرارات والتعاميم, وإنما في ضمان تطبيقها, ومثل هذا الأمر بات أشبه بالمستحيل في ظل تسيد ثقافة الفساد واستمرارها وتفاقمها.. نعود ونقول: حتى لو كان التعميم الجديد جديا, فإن صدور -وحسب المثل الشعبي الشهير- جاء بعد خراب البصرة.
marwnj@ureach.com