فذلك يشير إلى أمرين:
أولهما - أن القادة العرب يرون في هذه المبادرة وثيقة تخليص ذمة, مطروحة أمام المجتمع الدولي والعالم..
ثانيهما - مادامت إسرائيل تتجاوز المبادرة وكل معطياتها وحيثياتها, فإنه يحق للعرب تجاوزها أيضاً, دون ضرورة إلغائها أو سحبها.
ذلك يعني أنه باستطاعة العرب اتخاذ مواقف تواجه الإجراءات الإسرائيلية التي ما توقفت يوماً, والمتمثلة باستمرار القتل والتدمير والعزل والحصار للشعب الفلسطيني من جهة, واستمرار الاستيطان وتهويد المناطق العربية من جهة ثانية..وبالتالي يستطيعون أن يستمروا في طرح مبادرتهم, فلا يسحبونها,إنما يدعمونها بإجراءات تدفع إسرائيل للتفكير بها كمخرج مما تواجهه.
حالياً تواجه إسرائيل المقاومة فقط..ولاتقيم اعتباراً أو وزناً لما هو بعيد عن المقاومة,وبالتالي فإن الخط العربي لدعم المبادرة, ودفع إسرائيل للتعامل معها, وقبولها, هو بدعم مقاومة الشعب الفلسطيني, بغض النظر عن تنظيماته واتجاهاته.
هذا من جهة ومن جهة ثانية,فإن مقاطعة إسرائيل لمبادرة السلام العربية,يبرر تماماً مقاطعة كل العرب للمبادرات الأخرى, التي قدمها العرب في أقطار عديدة, ولم تنجب سلاماً,رغم ما يدعيه البعض.وبالتالي فإن المقاطعة العربية لإسرائيل يمكن أن تشكل ورقة مبادرة أخرى, تدعم الأولى..وبتفعيلها تجد إسرائيل نفسها ملزمة بالخيار بين المبادرتين..مبادرة السلام..ومبادرة العودة للمقاطعة..
لعلّه من السذاجة السياسية الاعتقاد أنه من السهل إعادة العرب إلى نظام مقاطعة إسرائيل..لكن من السذاجة أيضاً الاعتقاد أن إسرائيل في كل ما أظهرته من توجهات بعد مبادرة السلام العربية (توجهاتها في جنين ونابلس والضفة) وتوجهاتها بعد (أنابوليس) في غزة, وفي الاستيطان الناشط جداً هذه الأيام,(أعلنت حركة السلام الآن الإسرائيلية أن عملية الاستيطان تضاعفت عشرين مرة بين العام الماضي وهذا العام)..أقول: من السذاجة الاعتقاد أن إسرائيل ستعود عن ذلك كله, لتقبل مبادرة السلام العربية.
فعلام سيعتمد العرب لدعم مبادرتهم.. على القبول الأمريكي البارد الخجول المتعارض مع الفعل?! أم على اللا مبالاة الأوروبية..?!
من المؤكد أن الطريق لطرح الدعم الفعلي لمبادرة السلام العربية, لاسيما بإعادة مقاطعة إسرائيل, يجب ألا يخلق مصاعب تواجهه ذاتياً.. يعني ألا يأتي في أطر اتهامات عربية - عربية بل في إطار تفاهمات عربية - عربية.
هل ذلك ممكن?!.
طريق صعب, لكنه ممكن, ويجب ألا يكون طويلاً.. طريق لعلّه سيجد أن الصعوبات فيه قد تراجعت إلى حد ما, حيث تولت سورية قيادة العمل العربي المشترك. وهي معنية بابتكار ما يمكن أن يفعله العرب مبدئياً.. ثم يقبلون تطويره والمضي فيه حتى الوصول إلى أجواء عربية متماسكة, تشعر إسرائيل أن مبادرة السلام هي الخيار الوحيد أمامها..!!
لا أدري إن كان ذلك حلم اشراقة صيف.. لكن بصراحة استطاعت الإدارة السورية للقمة العربية العشرين إعادة الأمل إلى نفوسنا, أنه ربما تشرق شمس الصيف في عزِّ الشتاء. ففي أجواء متلبدة بغيوم غير نظيفة غالباً, استطاعت دمشق أن تنجز مؤتمر قمة غير مسبوق.. وننتظر في ظل قيادة دمشق للعمل العربي المشترك لعام كامل, أن نصل إلى واقع عربي مختلف, لاسيما في دعمه لمبادرة السلام,ومقاومة الاحتلال?!