تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التقليد دونية وقتل للإبداع

معاً على الطريق
الخميس 14/2/2008
عبد النبي حجازي

في جلسة مع دورة- مذيعين محررين- جدد قال مسؤول كبير (تابعوا المذيعين في المحطات الاخرى واقتدوا بهم- اي قلدوهم) وكانت تلك الكلمة (اقتدوا) مثل اللطمة على الوجه,

وبغض النظر عن ان ذاك المسؤول بريء تماما من الاعلام والثقافة فإنها- عقدة الدونية- التي ورثها جيل القدوة في اواسط القرن الماضي بعد قرون من التخلف والانغلاق وامسكت بتلابيبه واكتشف ان امته فقيرة بالابداع, فلجأ - الدونيون- بأفقهم الحسير الى - القدوة- التي هي نقيض الابداع والانطلاق.‏

واذا وسعنا نظرنا في الادب نرى اولئك -الدونيين- يعيبون على تراثنا ان ليست فيه - قصة او رواية- ( بمعناها المعاصر) متعامين عن ان هذا الجنس الادبي عرفه الغرب في مرحلة متأخرة وقد قيل في الرواية انها بنت - البورجوازية- البورجوازية التي عرفت واقعا ومصطلحا في غضون القرن التاسع عشر.‏

واذا نظرنا الى تراثنا نجده زاخرا بأشكال من القصص والحكايا كما هي الحال في الكامل للمبرد, والحيوان للجاحظ , ومقامات الهمذاني والحريري, وكليلة ودمنة لابن المقفع وعدد لا يحصى من الكتب هي مخزوننا الثقافي .‏

يقول الكاتب المسرحي والقصصي الانكليزي- سومرست موم- في مذكراته انه زار القاهرة في اواسط القرن الماضي فرأى مجموعة من الناس يتحلقون حول- الحكواتي- يقص عليهم حكايا من التراث وهم يصغون اليه مأخوذين فحسد الكتاب العرب على هذا الجمهور وهو لا يعرف انه جمهور محاصر بالامية وانه بقدر ما يحفل بالاصغاء ما يزال حتى اليوم يعرض عن القراءة.‏

ورد في البيان والتبيين للجاحظ في اطار البحث في حقيقة الابداع(من آية القصص ان يكون القصاص أعمى ومن آية الشعر ان يكون الشاعر بدويا) بمعنى ان الاعمى واسع الخيال, والبدوي ينطلق على سجيته وطبعه .‏

وفي البحث عن حقيقة الابداع يقول ابو العلاء المعري: واني وان كنت الاخير زمانه لآت بما لم تستطعه الاوائل‏

وفي هذا الاطار يقول الكاتب المسرحي الانكليزي- برنارد شو- في احدى مقابلاته( انا اقف على اكتاف شكسبير).‏

ان ثمة فرقا كبيرا بين التقليد والمثاقفة: فالتقليد عدو للابداع لانه يزيد عمى البصيرة عمى, اما المثاقفة التي تتأتى بالانفتاح على الامم الاخرى انفتاحا واثقا آليته الاخذ والعطاء هي من اهم ركائز التقدم الفكري في أية امة, وهي التي تحث المبدعين على استيعاب المخزون من التراث والانطلاق في عالم المعاصرة.‏

اما بعد ان انفتح العالم بعضه على بعض بتطور وسائل الاتصال واتساع الترجمة فقد غدا من البساطة ان يقف مبدع مطلع واثق من نفسه في اي بلد صغير او كبير على اكتاف من سبقوه في هذا العالم كله.‏

ان الثقة هي ان تنظر عن كثب الى نفسك( بالمعنى الجمعي) وتتلمس مكامن القوة في واقعها ومخزوناتها وتنطلق بها بتفاصيلها وشمولها لتغدو امتك كوكبا سيارا بين الكواكب في اعماق الفضاء الفسيحة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2147
القراءات: 1085
القراءات: 1094
القراءات: 1082
القراءات: 1285
القراءات: 1109
القراءات: 1045
القراءات: 1330
القراءات: 1298
القراءات: 1150
القراءات: 1681
القراءات: 1207
القراءات: 1769
القراءات: 1249
القراءات: 1205
القراءات: 1305
القراءات: 1244
القراءات: 1327
القراءات: 1309
القراءات: 1321
القراءات: 1536
القراءات: 1695
القراءات: 1483
القراءات: 1401
القراءات: 1832

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية