تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رحلوا.. غابوا? لم يغيبوا

معاً على الطريق
الأحد 24/2/2008
ديانا جبور

موت الكبار في زمن الانهيار يزيد من وطأة الخسارة وفداحة الفقدان, فمن يستطيع ان يحافظ وطوال اكثر

من نصف قرن على مشروع مقاوم جاد رصين كمشروع الاداب مثل الراحل سهيل ادريس.‏

تربطني بهذا الرجل بعض صلات لاتربطه بي, فأنا أعرفه وهو لا يعرفني, اعرفه لأن فرشاته رسمت درباً بل أكثر من حياتي وامتد في مظلته من حيث لايدري الى رابعة نهاري.‏

كان هاني الراهب- خالي وأبي الروحي - في الستينات يتيما يحمل له كل يوم خطر الغرق في يم الحياة او التكسر على صخرها, ومثل كل الغرقى المحتملين, كان يتمسك بأية قشة, وهكذا كان بالنسبة له الاعلان عن جائزة الآداب للرواية, اذ كانت قيمتها المالية كفيلة بتأمين دراسة العام القادم ومصاريفه, فقرر ان يخوض المغامرة وفاز بها برواية (المهزومون) ليبدأ من بعدها هاني الراهب مسيرته كأحد كبار الكتاب العرب.‏

لاحقا توطدت صلتي برابطة القراءة, ولازلت اعتبر المنهل لسهيل ادريس وجبور عبد النور أحد أهم الكتب وليس فقط القواميس التي يمكن ان تغني صاحبها, فالبحث فيه عن معنى عربي لكلمة فرنسية كان يتجاوز الغرض الاستعمالي المباشر الى المتعة المعرفية واللغوية الخالصة, كتاب يعلو شأنه مع توفر البدائل السريعة والقواميس الالكترونية التي تقيد الدلالات بمعنى وحيد فقير دارج.‏

وفي مرحلة متأخرة متزامنة مع انهيار الايديولوجيات وتفشي الانبطاحيات حيث العادي والغادي يغلف دعاوى التخاذل بلبوس الواقعية كان سهيل ادريس يخصص مجلة الآداب بملفات متكاملة عن ادب وادبيات المقاومة.‏

قبل سهيل ادريس بأيام رحل عن دنيانا الكاتب العراقي الكبير فؤاد التكرلي لكن دون أن يتمكن من التخلي عن صليب آلامه وركن عصا ترحاله في بلد السواد.. لقد إلتجأ الراحل الى دمشق سنينا فألجأته وعندما تمكن من العودة أمنياً وقانونياً الى العراق لم يتعرف اليه تحت حراب الاحتلال فعاد القهقرى لكن هذه المرة الى عمان الاقرب جغرافيا.. كأني به كان يعتقد ان الفرج قريب ولايجوز اضاعة نصف يوم زيادة ان انصلحت الاحوال لكن المرض عاجله ام ان الراحل يئس من علاج الاوضاع فأسلم الروح قبل ان يستسلم الى معايير لايقبلها كوطني وقاضٍ وروائي?‏

دون ان يعني الرحيل غياباً عن أرواحنا وأذهاننا ووجداننا, بل انغراساً مورقاً انضم الراحلان الى قافلة المودعين وقد تركوا لمن يعي مايعين.‏

dianajabbour@yahoo.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

  ديانا جبور
ديانا جبور

القراءات: 1071
القراءات: 1073
القراءات: 1007
القراءات: 1165
القراءات: 1131
القراءات: 1459
القراءات: 1624
القراءات: 1828
القراءات: 1452
القراءات: 1310
القراءات: 1594
القراءات: 1512
القراءات: 1589
القراءات: 1672
القراءات: 1333
القراءات: 1404
القراءات: 1381
القراءات: 1714
القراءات: 1677
القراءات: 1620
القراءات: 1575
القراءات: 1266
القراءات: 1384
القراءات: 1522
القراءات: 1620

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية