فإن ثمة تساؤلات أخرى تطرح نفسها تباعا وبكثير من البداهة والاسترسال المنطقي , حول القاعدة والإسلام السياسي عامة , خاصة بعدما تأكد تماما وجود إرهابيين كثيرين في سورية ينتمون إلى منظمات القاعدة والإسلام السياسي , ممن يرتكبون المجازر المروعة والتفجيرات الناسفة بحق المدنيين والعسكريين السوريين , أول هذه التساؤلات يدور حول أولوية « الجهاد « التي يراها أولئك ضد سورية ونظامها السياسي , وبالتالي , ضد أمنها واستقرارها على الجهاد ضد إسرائيل , إذ لماذا يكون «الجهاد» حلالا ضد سورية العربية المسلمة وحراما ضد إسرائيل الصهيونية اليهودية , ولماذا يكون المسجد الأقصى المعتقل والمحتل .. آمنا بالنسبة إلى هؤلاء «المجاهدين » ولا يكون المسجد الأموي كذلك في سورية ؟
المصادر الغربية الدبلوماسية والإعلامية تتحدث اليوم عن تحولات هادئة وعميقة تجاه الموقف من سورية , وتعزو هذه التحولات إلى « اكتشاف » أميركا والغرب أن ثمة إرهابيين من القاعدة يعملون في سورية , وأن أميركا باتت تخشى أنها تساعد هؤلاء الإرهابيين وتمدهم بالعون عن غير قصد , من خلال عدائها لسورية والسعي إلى دفعها باتجاه الفوضى , ما يعني محاولة الإيحاء بأن أميركا جادة في محاربة القاعدة وتجفيف منابعها , وما يعني أيضا محاولة تنظيف الصورة السياسية الأميركية في الشارع العربي وبأنها لا تتبنى التيارات التكفيرية الجهادية من الإسلام السياسي !
ولكن , إذا كان ذلك صحيحا .. لماذا لم تكتشف أميركا والغرب وجود إرهابيي القاعدة وغيرهم من المنظمات المرتبطة بها في سورية إلا حين شارف مشروعها التخريبي على الفشل والهزيمة , وإذا كان الاكتشاف قد تأخر فعلا فلماذا لا توقف عملاءها الخليجيين الذين يواصلون دعم وتسليح وتمويل الإرهاب , بل لماذا لا تحارب هؤلاء العملاء .. أليسوا واحدا من منابع الإرهاب التي ينبغي تجفيفها وفق الدعوى الأميركية ؟
الواقع , أن النفاق السياسي الأميركي والغربي بات أكثر وضوحا من علنية الدعم الخليجي والتركي للجماعات الإرهابية في سورية , وأن وحدة وطنية السوريين ووعيهم من جهة أولى , ودعم أصدقائهم من الروس والصينيين وغيرهم لهم من جهة ثانية .. أخرج كل أعدائهم عن أطوارهم العقلانية وكشف عن عوراتهم وأفشل مشروعهم التخريبي المدمر .