لأن استمرار مجلس منتهية ولايته منذ عام بتركيبته التي قامت على أساس نظام الحزب الواحد، كان يسير بنا باتجاه العجز عن التغيير والشعور بالفراغ الذي يخلقه هذا العجز.
مجلس شعب جديد بوجوه جديدة كيفما جاءت النتائج وأينما كانت الأغلبية – نتوقعها للبعثيين بالتأكيد – حدث هام جداً.. فهو أولاً لا يترك فرصة لوقوع الفراغ في الحياة السياسية السورية.. وهو ثانياً تجربة جديدة بمعنى الكلمة.. حيث كل الذين ساهموا في تنظيم العملية الانتخابية في الإدارة والقضاء تعلموا الكثير.. وواجهوا الإشكالات التي تثيرها الانتخابات أينما كان.. رقابة.. طعون.. إعادة انتخاب.. إلخ.
أما الذي يؤكد أهمية مجلس الشعب العتيد ودوره، هو موقفه من الفساد وقدرته على تحديه.. فإن فشل في مكافحته بكل جدية.. دون مجاملة لأي كان.. ومهما كان موقعه.. وإلى أين ما وصلت صلاحياته سيفشل في كل شيء.. ولن يكون مجلساً للشعب.. بل توليفة لصناعة خيبة الشعب.
الخطوة الأولى بالغة الأهمية، والمرتبطة آلياً بإعلان نتائج الانتخابات، هي أن الحكومة القائمة اليوم ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال.. وستشكل حكومة جديدة تكون العلامة الأبرز على اتجاهات الإصلاح.
حكومة بوجوه جديدة، بمقدرات علمية وإدارية، معيار تشكيلها الكفاءة والمقدرة وليس الاصطفافات السياسية والسلطوية، هي الرد الحاسم على الأصوات التي لم تكن موضوعية في حديثها عن مجلس الشعب الجديد.
عادة تطالع جهات عديدة في العالم ومراكز بحث وتقص، التطورات السياسية وغير السياسية في دول أخرى.. وتقدم دراسات عنها ورأياً فيها.. وهذا مفيد فيما إن خلي من طابع الوصاية والأستذة التي تصل أحياناً حدَّ العنصرية الحمقاء.
الولايات المتحدة ومعها دول أخرى وبكل أسف معهم الأمين العام للأمم المتحدة، أسرعوا إلى «تسخيف» فكرة إجراء انتخابات تشريعية في سورية.. بل إن الخارجية الفرنسية استخدمت عبارات مهينة بحق السوريين « مهزلة شنيعة».. هذه عنصرية شعرت بها أنا، مثلما شعر بها كل مواطن سوري شارك في الانتخابات!! و نحن الأكثرية ..
لماذا هذه المهزلة الفرنسية الشنيعة..؟! هل يجب أن نستأذن منهم أم نستقوي بهم..؟!
نحن نواجه واقعاً مشتعلاً في بلدنا.. ونحاول أن نطفئ النيران التي يضرمونها.. مقدرين جيداً صعوبة العمل في ظل الظروف الراهنة.. لكن.. أن نعمل أفضل من أن نقعد..
بعملنا نحن اليوم أمام دستور جديد أنهى الحماية الدستورية لنظام الحزب الواحد أو القائد، وأمام برلمان يمكنه أن ينهي ما حفظناه عن برلمانات سابقة.. وهذه إنجازات أكثر من هامة.. فلماذا لم تعجبهم..؟! ولماذا استخدام عبارات بذيئة في وصف ما وصلنا إليه..؟!
بالتأكيد هم لا يؤيدون ما كنا عليه، بدليل حملهم السلاح علينا رفضاً له.. ويعلنون أنهم لا يريدون جديدنا..؟!
ماذا إذن..؟!
الفراغ.. يريدون إفراغ الدولة من مؤسساتها، واستمرار هذه المؤسسات بأي شروط ضرورة لابد منها..
مجلس شعب جديد، انتخب بظروف صعبة، لا يلغي أبداً – كما أسلفت – أولوية العمل لإيقاف العنف.. وعلى الجانب الآخر من التصريحات ما يتناقض كلياً مع بذاءة المواقف العنصرية.. تصريحات لم تأت من روسيا والصين والدول الصديقة الأخرى وحسب.. بل من الجنرال «روبيرت مود» قائد مجموعة المراقبة التابعة للأمم المتحدة.. الذي أكد تعاون الحكومة السورية الجيد وما يؤمنه من حرية عمل للمراقبين.. ألا يتوقفوا قليلاً مع النيات الطيبة التي تظهرها الحكومة السورية للتعامل مع العنف مرة مع مراقبي جامعة الدول العربية ومرة مع مراقبي الأمم المتحدة.. حيث يستطيعون أن يستنتجوا أن هذه النيات الطيبة تشكل أحد جوانب الغطاء المنطقي لانتخابات مجلس الشعب..؟!
As.abboud@gmail.com