وبالتالي فالصورة المرسومة تحاول ان توحي بأنها بالون اختبار يحتمي خلفه الإسرائيليون لقراءة الردود المتباينة عليه حتى في الداخل الإسرائيلي الذي لم يصحُ بعد من فضائح الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في عدوانها الأخير، وفي الوقت ذاته يمهد الطريق لفعل لم يفارق يوما العقل الإسرائيلي المهووس بالحرب والعدوان حتى آخر لحظة.
المفارقة أن هناك من يعتبر أن المناخ السياسي في المنطقة والعالم لا يعطي أي غطاء ولا يوفر أي مبرر لجبهات العدوان أياً كان اتجاهها، لكن الواقع والتجربة يقولان عكس ذلك، فالمنطق الذي يفترض أن يقدم مثل ذلك التحليل، يبدو غائبا عن أي قراءة إسرائيلية تحتكم إلى ما يقرره طاقم الحرب في حكومة نتنياهو.
فحتى الآن لم ينتج منها سوى ما يشير بوضوح إلى عزم إسرائيلي على خلق معارك في كل الاتجاهات، وإذا كانت قد نجحت في افتعال الكثير منها على المستوى السياسي، فإنها على المستوى العسكري تعد العدة في أكثر من اتجاه، وثمة من يعتبر أنها فجرتها في أكثر من قرار أقدمت عليه. فمواصلة الاستيطان بهذه الطريقة إعلان حرب من الدرجة الأولى، وما يتعرض له الأقصى هو الآخر حرب مفتوحة، والتشريعات التي تقدم عليها أكثر من حرب، والتدمير المبرمج للسلام هو الحرب ذاتها.
ومع ذلك ليس في الأفق ما يوحي أن تلك الحروب المتفرقة قد روت عطش الإسرائيليين أو غطت اللائحة الإسرائيلية المعدة سلفا والتي استفتت حكومة نتنياهو الإسرائيليين عليها، كما أنها لم توفر حتى اللحظة المخرج من المأزق، فيما عجزت كل تلك الحروب عن الإجابة على الأسئلة الوجودية الأولى لهوية الكيان الإسرائيلي.
لذلك ليست تهديدات نتنياهو فقط حداً فاصلاً بين كل ما اقترفه حتى اليوم وما يخطط للإقدام عليه، بل هي أيضاً عملية تحريض أخرى لدفع المنطقة نحو أتون الانفجار من جديد، تكون فيها كل الحسابات المنطقية خارج أي اعتبار في العرف الإسرائيلي، وهو ربما الرهان الإسرائيلي القادم على تطورات الأيام القادمة.
حروب اللائحة الإسرائيلية التي تبدو قائمتها تمهيداً أولياً لسياق سياسي يرغب طاقم الحرب في حكومة نتنياهو أن يكون له فيه السبق، تشترط عناوين من تلك التي يتناوبون على طرحها وتسويقها، مثلما تقتضي أن تكون بالصيغة التي يطرحونها في مرحلتها الأولى على الأقل.
a-k-67@maktoob.com