والديمقراطيين، الذي يبدأ عادة في الانتخابات النصفية، ويحتدم في العام الأخير من ولاية الرئيس الباحث دائماً عن الفوز بولاية ثانية، ديمقراطياً كان أم جمهورياً.
قد تكون لُعبة انتخابية تَعكس مَظهراً ديمقراطياً، أو وَجهاً من أوجه مُمارسة الديمقراطية، غير أنها بالحقيقة ليست إلا خديعة كُبرى يُقدمها النظام الأميركي ودولته العميقة للعالم على نحو ساحر لجهة الممارسة الهوليوودية المَملوءة صخباً، ومشاهد تُوحي بوجود خلافات واختلافات جوهرية بين حزبين يَتداولان السلطة، يَهزم أحدهما الآخر، لكن المُثير أنّ السياسة الأميركية تَبقى واحدة لا تتغير مع تَغيُّر الإدارة!.
ربما من أهم الركائز الشيطانية للعبة الانتخابية ونمط إدارتها والتحكم بها، هو أن تُقدَّم على شكل عملية تنافسية حادة، تقوم على الفرضية إياها - طرف يهزم الآخر - بينما تُحاول الدولة العميقة في الزمن المُمتد من انتخابات الكونغرس النصفية إلى العام الأخير بولاية الرئيس العملَ باستمرار على ترسيخ الأمر كما لو أنه يَتطابق مع نظرية من يهزم من؟
أركانٌ أساسية بإدارة باراك أوباما اعترفت عَلناً أن داعش صناعة أميركية، بل أقرت أن إدارة أوباما هي من أشرف على صناعة التنظيم الإرهابي داعش وإطلاقه، وقد استخدم دونالد ترامب هذا الاعتراف بحَملاته الانتخابية مُشهِّراً بسلفه وحزبه، فهل غَيَّرَ السياسة الأميركية المُتصلة بدعم الدواعش بعد فوزه بالرئاسة؟
ما زال الرهان الأميركي قائماً مع ترامب حتى الآن على إمكانية إحياء الدواعش وإعادة إنتاجهم واستخدامهم في سورية والعراق ومناطق أخرى.. لا تُصدقوا كلمة مما يُقال خلافاً لهذا، انظروا لو شئتم بتوقيت إعلان ترامب ادّعاء هزيمة داعش والانتصار عليه، راجعوا تصريحاته التي تضمنت لاحقاً تَراجعاً عن ذلك الادعاء، دَققوا فيما يقوله ابتزازاً حول خطر عودة داعش، ولاحظوا أنّ أثراً للدواعش لم يبقَ إلا في المناطق والجيوب السورية العراقية التي تحتلها أميركا.
الأمثلة كثيرة، المُتصل منها بمنطقتنا يُعَد بالعشرات إن لم تكن بالمئات، إذا ما تمّ الخوض بالتفاصيل التي تَندرج تحت العناوين الرئيسة، فلسطين، اليمن، لبنان، إيران .. لا شيء يَتغير بالسياسة الأميركية مع تَغيُّر الإدارة من ديمقراطية إلى جمهورية، وبالعكس، تبقى واحدة رغم كل المسرحيات والأكاذيب التي تُساق بالحملات الانتخابية ويُركز عليها بالمُناظرات التلفزيونية، فضلاً عن السِّجالات التي لا تتوقف داخل الكونغرس والمؤسسات!
ما من خلافات في أميركا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ما من أحد يَهزم الآخر على قاعدة الخلافات التي يَدّعيها الطرفان، وإنما هناك لعبة يجري التحكم بها ويُسند بموجبها مهمة ووظيفة مُحددة لهذه الإدارة وتلك، استكمالُ ما بدأته سابقتها أو الانسحاب منه هو جزء من المهمة والوظيفة، ولا علاقة له بما يُطرح من ادّعاءات حول وجود خلافات من عَدمها بين الحزبين. دعونا نستحضر المحطات منذ بوش الأب مؤتمر مدريد، وصولاً إلى ترامب صفقة القرن، هل هزمَ أحدهما الآخر؟ أم استكمل أحدهما ما بدأه الآخر؟.