أسطول الحرية وتتبعه «راشيل كوري» ليس البداية ولا النهاية.. إنه بما واجهه يمثل لحظة انفجار إنساني في وجه واقع يجب ألا يستمر.. ولن يستمر.
المتغير الذي تمر به منطقتنا يدخل في حسابات الجميع.. وكل من يتعامل مع المنطقة ومعني به ويغفل أو يتغافل عن هذا التغير، يعبر عن جهل سياسي دبلوماسي بأي اتجاه كان.
أعتقد، رغم الغباء الشديد الذي اتصفت به السياسة والمواقف الإسرائيلية التي لم تستطع حتى الآن الخروج من الانحطاط الذي وصلت إليه أنها تستنفر الآن كل ما لديها من قوة في العالم للخروج من مأزقها متعاملة بالضرورة مع المتغير الذي دخل على لعبة الصراع في الشرق الأوسط.
والسؤال:
هل يتجه العرب بسياسة أنظمتهم وجهودهم الدبلوماسية وغير الدبلوماسية لوضع قواعد جديدة للعبة على أساس المتغيرات الجديدة فيها..؟!
متغيرات من نوع مثلاً:
-تغير موقف العالم من إسرائيل... وبالتالي تغيره من حصار غزة، ومن قضية الاحتلال وتبعاً لها الحرب والسلام.
-دخول عناصر جديدة بقوة وبمواقف جديدة.. في مقدمتها العنصر التركي.
-شجاعة المنظمات الدولية لإظهار رفض السياسة الإسرائيلية.. الأمم المتحدة مثلاً، ونذكر ببيان الأمين العام وما قاله عن حصار غزة.
– موقف مجلس حقوق الإنسان وغيره..
أكرر السؤال:
هل تشير المواقف السياسية العربية إلى قواعد جديدة محتملة، اعتماداً على المتغيرات الحاصلة واستفادة منها؟!
إن أخذنا الجواب مما شهده اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة.. وما صدر عنه.. أعتقد أننا:
«تاجر مفلس يفتش في دفاتره القديمة..».
مهلة أخرى لإسرائيل؟! العودة إلى مجلس الأمن «الأميركي» والتجيير إلى القمة العربية «القادمة».
هذا يعني تماماً وبدقة ودون اتهام.. لا جديد!!
لا جديد.. يعني لا استفادة من المتغيرات.. بل لا تعامل معها؟!
ربما هناك «شوية زعل» من قبل البعض، من جرأة ووضوح وجدية الموقف التركي.
صوت رجب طيب أردوغان.. يهز أسرتهم الوثيرة.. فينغِّص نومهم ويطالبهم بالاستيقاظ.
أما إن أخذنا الجواب مما شهدته أروقة المجلس العالمي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.. فإن ما خفي من خزي المواقف يذكر بما قاله عمر أبو ريشة في العدوان الفرنسي على دمشق.
«لا يلام الذئب في عدوانه
إن يك الراعي عدو الغنم»
هل تصدقون أن ثمة عرباً لم يرحبوا بأن يتضمن بيان المجلس المطالبة برفع الحصار عن غزة؟!
هذا واقع لا اتهام فيه.. هناك من أدمن عاهته.. ويخشى الحياة بعيداً عنها..
ليس الأمر على ذاك المستوى من التشاؤم.. بل مبررات التفاؤل متوفرة وفي مواقع عدة.. أهمها على الإطلاق ضمير الإنسان العربي.. المواطن العربي.. الذي مهما أبعد عن قضيته لا بد أن تعود له.. كي يكون كلامه الفصل.
ستبحث إسرائيل عن خلاصها بموجب المتغيرات الحاصلة.. ولن توفر أحداً في سبيل ذلك.. بالأمس علق صهيوني على طلب التحقيق الدولي لما جرى.. ليؤكد الإصرار على تحقيق إسرائيلي داخلي، مـذكراً بما جرى عندما قتلت القوات الأميركية والبريطانية مدنيين في العراق فكان التحقيق ذاتياً.. مضيفاً.. أن ما يهمهم في إسرائيل هو الموقف الأميركي.. وقد عبرت عن رؤيتها بأن التحقيق مهمة مناطة بإسرائيل..؟!.
يعني أن إسرائيل تذكر أمريكا وبريطانيا أنها ليست وحدها التي قتلت مدنيين..
«هي ذات السلالة الامبريالية الرأسمالية».
إنها لحظة اليقظة التاريخية.. والفرصة النادرة.. لوضع الصراع في مستوى آخر وتغيير قواعد اللعبة القائمة أصلاً على الخضوع لفكرة «إسرائيل القوة التي لا تقهر».
إسرائيل تواجه العالم الآن الذي خرج لمواجهة أباطيلها.. فلنخرج من قواقعنا.
a-abboud@scs-net.org