وتوالت الحوادث وعمليات احتجاز رهائن في أكثر من عاصمة أوروبية في الوقت الذي استنفرت فيه القوى الأمنية ونفذت عمليات استباقية لمجموعات وصفتها بالإرهابية استهدفت مقاتلين عادوا من سورية بعد اشتراكهم بعمليات إرهابية خارج حدود القارة العجوز التي التزمت حكوماتها الصمت أمام تنامي التيارات الإرهابية داخل حدودها، على حين وقفت حكومات الاتحاد الأوروبي موقفاً معادياً لسورية وهي تدرك أن سورية وحدها من يقاتل الإرهاب بالنيابة عن العالم كله، فكيف ستكون مواقفها من خلال القمة الأوروبية المنتظرة للبحث في تطورات الأعمال الإرهابية بعد أن دخلت مرحلة التهديد العملي للحياة الأوروبية كلها، وبعد أن أعلنت كل الدول الأوروبية رفع معدل استنفارها الأمني لمواجهة الاحتمالات الأصعب.
يحار الأوروبيون وهم يتجرعون كأس المرارة التي صنعوها بأيديهم وبرعايتهم وهم يخلطون بين أطماعهم الاستعمارية القديمة والقيم والمبادئ التي يدعونها من حرية ومساواة وعدالة وتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة واحترام المعتقدات كلها، وخلق البيئة الديمقراطية للتنافس الشريف وضمان الحياة الكريمة لكل من المواطنين والمهاجرين على السواء؟ وها هم يجدون أنفسهم في مواجهة سوء تقديراتهم الخاطئة. فقد سمحوا للمدارس الوهابية بالتغلغل في مجتعات المهاجرين فطالت مواطنيهم اعتقاداً منهم أن ذلك التيار سوف يتكفل بمواجهة النهوض الوطني والتحرري في الدول العربية، فقدموا الإرهابيين في سورية وغيرهم على أنهم دعاة خلاص تحرري ووظفوا أجهزة إعلامية وقنوات فضائية تصوغ الروايات الكاذبة وتنقل الأخبار الملفقة للمواطن الأوروبي باعتباره دافع الضريبة التي كانت تقدم كمساعدات للمجموعات الإرهابية وفق الروايات المضللة والمقدمة بإتقان وحرفية.
واليوم تعيش أوروبا كابوس الإرهاب في كل لحظة دون وجود خطة عملياتية لمواجهة امتداداته، فعلى أي منصة سيقف القادة الأوروبيون؟ وهل سيعملون عقولهم وينظرون بعقلانية للنموذج السوري في مواجهة الإرهاب؟
أمامهم طريق واحد وهو الاعتراف بحقيقة ما يجري في سورية وإن ما حذرت منه منذ أكثر من ثلاث سنوات هو أمر واقع وإن التعاون معها هو مصلحة أوروبية ومصلحة عالمية كما هو مصلحة سورية، الأمر الذي يعني اتخاذ قرارات نافذة للتطبيق جوهر قراري مجلس الأمن الدولي 2170 و 2178 وعدم المضي في أوهام الاعتماد على شخصيات استخباراتية لم تعرف إلا التبعية للغرب والصهيونية.