تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من ميزات السوريين

معاً على الطريق
الاثنين 19-1-2015
أنيسة عبود

السوريون شعب عريق ولهم ميزات كثيرة لا تعد ولا تحصى ..

من هذه الميزات أنهم متعددون في النظرة إلى الأشياء ولذلك تكثر لديهم المصطلحات ..كل واحد يخترع مصطلحه الخاص الذي يناسبه والذي لا يتعارض مع مصالحه ,‏

خاصة في هذه الأيام التي صار فيها السوريون محللين استراتيجيين ونفسيين وكذلك عسكريين ..وصاروا أيضاً كلهم شعراء على الفيسبوك ..وكلهم لديهم استعداد لشتيمة الآخر وتهشيمه والسخرية من معتقداته وعاداته ولهجته .وجميع السوريين يعرفون كيف يتحدثون عن الحرية ولكن معظمهم لا يعرف كيف يطبقها في بيته أو على نفسه ..غير أنه لا يتنازل عن حقه في الحرية مع حقه في إلغاء الآخر وذبحه وكأن أبجدية -أوغاريت -لا تجمعهما ..أو الأرض السورية لا تحضنهما وان نهر الفرات ونهر السن والفيجة ودجلة لم تروهما.‏

والسوريون طيبون بالفطرة ..لكنهم يصدقون كل شيء يسمعونه أو يرونه على الفضائيات غير السورية ..وبالتالي لديهم القدرة على الحديث عنه وتفنيده وكأنه حقيقة مطلقة ..وحتى في حال تكذيبه لا يأخذون بالتكذيب ..وكل ما ينشره الغرب هو الصحيح ..حتى فبركات الغرب فيما يخص ما جرى في فرنسا يصدقونها ..لدرجة أن بعض السوريين لا يسمع الأخبار من القنوات السورية ..ولا يقرأ الصحافة السورية . معتبراً أن كل ما يصدر أو يٍُكتب أو يقال في الصحف السورية غير حقيقي وهو مدبلج أو مؤدلج أو مفبرك ؟ وإذا ما أردت أن تحاجج وأن تعترض لا يسمحون لك بالاعتراض ..عندئذ لا بد من السكوت مسلماً أمرك للزمن علّه يحل هذه المشكلة التي تلازمنا منذ أن استعمرنا الغرب وفرض علينا رؤيته وثقافته وبعض قيمه وطريقة عيشه ..فصار الغرب هو الحكم والفيصل في قضايانا الثقافية والفكرية والسياسية والحضارية ..لذلك صرنا نتبعه ونقلده ونصدقه وهو الكذاب , المنافق , الغاصب والمعتدي .‏

أما في قضايا الصحافة .. فبعض السوريين يبدؤون الهجوم على صحافة البلد قبل أن يقرؤوها ..وبالتالي هم غير معنيين بما تنشره من ريبورتاجات ومقابلات وتحليلات سياسية واقتصادية .. ومن هذا المنطلق يبحثون عن جرائد الغرب والخليج ويتصيدون أخبار البلد المزعجة ..وأكثر من ذلك هم يعتبرون الكاتب السوري الذي يكتب في هذه الصحف أهم من الكاتب الذي يكتب في الصحف السورية ..والحال ذاته مع الصحفي والفنان والسياسي والاقتصادي وغيرهم .‏

السوريون مولعون بالغريب ..سواء كان سياسياً أم إعلامياً أم فناناً ..حتى صار الخوف أن ينطبق هذا على المرأة السورية , فتصير غير مرغوبة وغير موهوبة في نظر الرجل السوري ..ولا أدري إن كان هذا هو وراء جلب النساء المغربيات والسعوديات والتونسيات والغربيات من أجل ( نكاح الجهاد ) ؟؟‏

وأي جهاد ؟‏

وحقيقة الأمر , أن هذا الأمر الذي أطرحه لم يكن وليد الأزمة بل لمسته قبل الأزمة بسنين ..وكنت دائما ألاحظ أن المواطن السور ي يميل لشراء السلع المستوردة من لباس وأطعمة وفاكهة ..وهذا أمر طبيعي في حال كانت تلك المواد أفضل من المواد السورية ..لكن أن يصل الأمر لتفضيل الحلوى واللبنة والبرغل التركي مثلاً ونحن بلد الحلويات المشهورة وبلد القمح الممتاز فهذا كان لافتاً ومزعجاً .هذا جعل سوق اللاذقية مثلا»في فترة من الفترات يكتظ بالبضاعة التركية ومنها الألبسة ..فصرت أتكهرب من كل تاجر يعرض علي بضاعة تركية وكنت أقول له بغضب أريد الثياب السورية ؟؟أعطني بضاعة سورية . فهل هذا التهافت على سلع الآخر هو الحظر والحصار والعقوبات التي عاشتها سورية في فترة من فترات حكم الرئيس حافظ الأسد ؟ مع أن هذا الحظر وهذه العقوبات ولّدت لدى السوريين حالة التحدي والعمل الجاد والمثابرة لإنجاز المشاريع الوطنية بيد السوريين وبالتالي ازدهرت الصناعة والزراعة والتجارة الداخلية وصرنا من البلدان المكتفية ذاتيا ..ولم نكن نحتاج الغرب الذي حول العالم إلى سوق لمنتجاته وبضاعته كما يحدث الآن في دول الخليج الشقيقة , مع كل الأسف .‏

الشعب السوري مبهور بالآخر ..ويعطيه أكثر من حجمه ..وهذا لا ينطبق على بعض السوريين الذين يعانون من البداوة والأمية في مناطق كثيرة .ولكن ينسحب الأمر أيضاً على مفاصل كثيرة في الدولة ..وربما هذا أدى إلى تقصير كبير تجاه السوريين المتميزين في الوطن سواء سياسياً أم فكرياً أم حتى في مجال الهندسة والبناء ..وأظن أننا كسوريين نتمتع بالود والمحبة ..ونحترم العرب والعروبة ونقدر ثقافات العالم ..ولكن نريد التعامل بالمثل , لا أن يقف شرطي لبناني , جاهل وحقود . . يشتم السوريين الواقفين على حواجز الذل ويتهمهم بالتخلف ويرمي هوياتهم أرضاً.. كفى ..كفى ..نحن أبناء الحضارة ونحن أبناء الأبجدية ..ونحن نعلّم العالم كيف يكون الإباء ..ولذلك كما قال الإمام علي عليه السلام : (التكبر على المتكبر فضيلة).‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 682
القراءات: 805
القراءات: 731
القراءات: 689
القراءات: 723
القراءات: 653
القراءات: 674
القراءات: 870
القراءات: 922
القراءات: 753
القراءات: 729
القراءات: 768
القراءات: 755
القراءات: 848
القراءات: 749
القراءات: 744
القراءات: 734
القراءات: 817
القراءات: 728
القراءات: 880
القراءات: 738
القراءات: 784
القراءات: 871
القراءات: 953
القراءات: 756

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية