الذي تنفذه أدوات رخيصة تحت مسميات تعددت ألوانها وتبعيتها وممولوها والداعون لها بهدف النيل من سورية النموذج والقدوة التي تواجه العدوان بكل صبر وصمود وثبات.
قد لا يختلف العقلاء حول تحديد هوية وأشكال الاستهداف خاصة بعد مرور ثلاثين شهراً على الحرب التي تواجهها البلاد، لكن الجميع يتفقون على ضرورة الخروج من عنق الأزمة إلى ما هو أبعد بكثير من مجرد توصيف الحالة الراهنة إلى ما هو جوهري يتعلق بإطلاق المبادرات الإيجابية التي تضع حداً لتجار الأزمة وأثرياء الحروب الذين نموا بسرعة وانتشروا كالطحالب في الكثير من مفاصل حياتنا الاقتصادية.
هنا تأتي ضرورة المواجهة الصارمة والحاسمة، كلٌ من موقعه ومن معدلات تأثيره في السياق العام والخاص حيث تصبح للقرارات الحكيمة والناجحة مفاعيل مهمة ترتد منعكساتها الإيجابية على مسارات الحياة اليومية وعلى معدلات القرار الاقتصادي المطلوب.
فإذا كانت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار مدعوة اليوم للعب دور أبعد من توصيف الوجع الاقتصادي وتجنب الدخول في دوامة الحديث عن المصطلحات والمسميات المختلفة، فهي تعلم كغيرها من مؤسساتنا الاقتصادية أن خللاً واضحاً يتكشف في عملية الأداء المؤسساتي وهذا الأمر يستدعي الكثير من الجرأة في الانتقال من التوصيف إلى وضع اليد على مكمن الوجع والانطلاق بعملية المحاسبة التي تعيد الأمور لنصابها السليم وتشعر من فقد الثقة بمثل هذا الأداء القاصر أن يد الدولة قادرة بالتأكيد على الوصول إلى كل مرتكب مهما كانت المظلات التي يختبئ خلفها.
فالدولة قادرة على الحد من انتشار تلك الحالات عندما تقوم بلعب دور إيجابي في السوق يعزز دورها في مسألتي الضبط والحضور الفعال لحركة المواد وأسعارها خاصة عندما تلعب بتقنية عالية دور التاجر من خلال مؤسساتها، الأوسع انتشاراً على الأرض السورية، لكننا أمام حجم الحاجة للمزيد من هذا التدخل خاصة في ظل منظومة مدربة على الاحتكار والاستغلال وما شابه ذلك مدعومين أكثر لبذل المزيد من الجهد حتى نتمكن من تأمين حاجات المواطنين وإغلاق بوابات الفساد التي فتحت في ظل واقع صعب لا يغلقها سوى العمل الحثيث والقرار المسؤول في ضرب مرتكزاتها والسعي بالتوازي لتمكين مؤسسات القطاع العام أكثر من لعب دورها المنتظر في الحياة الاقتصادية السورية عموماً بعد أن كان هذا القطاع وما يزال مرتكز الأمان حين يتخاذل رأس المال عن القيام بدوره المطلوب.