ولا شك أن حديثاً كهذا يتعلق بحلّ سياسي يجد له صدى واسعاً واهتماماً في الشارع السوري، ما يستدعي الحديث الجدي وبيان المواقف من دقة، هكذا قضايا أو طروحات يتم تناولها وتداولها إعلامياً .
إن الكلّ يعلم أن الحكومة السورية تعاملت بشكل إيجابي مع كل الدعوات والمبادرات التي أُطلِقت بهدف إيجاد حلّ سياسي للأزمة ، ولم تغلق باباً في هذا المجال، وهنا نذكّر أن عسكرة ما جرى في سورية لم يكن خياراً للسلطة الوطنية، إنما خيار واستراتيجية القوى التي تآمرت على الشعب السوري، وعملت على إدخال البلاد في مستنقع الدم خدمة للمصالح الصهيونية والأميركية .
إننا نعتقد أن أي مبادرة سياسية تأخذ في الاعتبار رغبات ومصالح الشعب السوري المتمثلة بشكل أساسي في وقف العنف وشلال الدماء ومواجهة آلة الارهاب، وليس رغبات القوى الخارجية ومن يمثّلها كأولوية، ومن ثم الدخول في عملية سياسية واسعة وعميقة، تتمثل فيها جميع القوى السياسية والمجتمعية والحزبية، وتنطلق من احترام إرادة الشعب السوري الحرة في اختيار عناوينه السيادية، وكلّ ما يتمخض عنها من خلاصات وطنية ستكون محط ترحيب من الحكومة والشعب السوري، انطلاقاً من القناعة أن الحلّ الناجع للأزمة لن يكون نقيض ذلك، إن أُريد له النجاح والتحقق، وتوافرت الإرادة السياسية الصادقة لدى الأطراف الفاعلة والمؤثرة حقيقة في حيثيات الأزمة ومساراتها .
لقد باتت القوى التي استهدفت الدولة والشعب السوري على قناعة شبه تامة أن ما خططت وسعت إليه من أهداف تتعلق بإسقاط النظام السياسي وتبديل الهوية الوطنية والقومية المقاومة التي عُرف بها السوريون قيادة وشعباً وجيشاً أصبح في دائرة الاستحالة، فصمود الجيش العربي السوري، وتماسك مؤسسات الدولة، ومتانة العقد الاجتماعي السوري، والمناعة الوطنية التي واجهت كل أشكال الفتنة هي التي جعلت ولوج الحل السياسي الممر الإجباري والوحيد للخروج منها، وهذا باعتقادنا انتصار بالمعنى الاستراتيجي؛ لأن الحل السياسي لم يكن يوماً من الأيام في وارد تلك القوى، وكان رهانها دائماً العنف والإرهاب والعسكرة والتدخل الخارجي .
إن الرؤية السورية لحلّ الأزمة التي اضحت أزمة إقليمية ودولية واضحة ومحددة، وتتركز بشكل أساسي حول محاربة الإرهاب والقضاء عليه وتخليص الشعب السوري والمنطقة من شروره، وذلك عبر آلية واضحة ومحددة وشفافة تضمنها الدول الكبرى والفاعلة في إطار الازمة، وتوافر إرادة سياسية صادقة لتحقيق ذلك، مع توقف جميع مظاهر العنف والقتل والاستخدام غير الشرعي للقوة، عندها يتوفر المناخ الملائم لحوار سوري - سوري واسع الطيف وعالي السقوف؛ للوصول إلى حل سياسي وطني، وخريطة طريق لسورية المستقبل التي يحدد ملامحها السياسية وبنية وطبيعة نظامها خيارات السوريين، عبر الآلية الديمقراطية التي يحترم نتائجها الجميع دونما تقزيم أو تضخيم أو إقصاء لأحد .
khalaf.almuftah@gmail.com