| الممانعون مبتهجون معاً على الطريق ولعل العامود الصحفي المنشور في جريدة الشرق الأوسط بعنوان(الممانعون مصدومون), أن يكون أنموذجاً معملياً يصلح للتفسير والبرهنة. من الأسطر الأولى يغلب الحنق والازدراء المغلفان بمواقف وأحكام مسبقة على لغة المنطق والوقائع, فكيف أن(الجميع بات يتسابق لركوب البحر من أجل الانضمام لأسطول الحرية وإدعاء البطولة في الوصول إلى شواطئ غزة). ركوب البحر في مواجهة الهمجية الإسرائيلية ليس إدعاء بطولة, بل بطولة حقيقية ثمنها أرواح ودماء وحجز حريات.., ولا يظن أحد أن الإسرائيليين استشاطوا غضباً فقط لأن بضع مئات من الناشطين المدنيين حملوا ولو آلاف الأطنان من المواد الطبية والغذائية لمليون ونصف من المحاصرين, العقاب جاء رداً على التجرؤ على مقاربة والاقتراب من القضية الفلسطينية, وهو ما تقوم به سورية فدفعت ولاتزال تدفع ثمنه من حصار وعقوبات وتهديد أمن. في موقع آخر يكتب الصحفي أن عملية كسر الحصار عن غزة لم تأت نتيجة (صواريخ التنك) التي تطلقها حماس أو(جعجعة) السيد حسن نصر الله... كما لم تأت أيضاً بجهد دول المقاومة والممانعة وعلى رأسها سورية. إن كانت صواريخ حماس بالفعل تنكاً, أمدوها إذاً بما هو أكثر مضاء وفعالية..ثم من قال إن افتقاد القوة المكافئة يعني الخضوع والتسليم؟ لو كان الأمر كذلك لما خاض الشهيد يوسف العظمة معركة ميسلون ولقيل إن الفرنسيين دخلوا سورية دون مقاومة. في ما يخص السيد حسن نصر الله, فأذكر أنه الرجل الذي أجمع على صدق وعده, كما وعيده, الأعداء قبل الأصدقاء..فأين يقع الكاتب؟ ومصداقية السيد بالمناسبة لم تأت من خطبه, وإنما من اقتران القول بفعله. أما أن كسر الحصار لم يأت بجهد دول المقاومة, بل من خلال عمل سلمي قام به ناشطون من مختلف دول العالم, فمعلوم أن أحداً لا يتضامن مع قضية لم يعد يتبناها أهلها.. إن هذا الفعل المسالم ودون الجنود كما أكد الكاتب في أكثر من موقع, لم يكن ليحصل لولا بطولات أصحاب القضية ومقاومة الممانعين فلم يعد على الأرض ملكيون أكثر من الملك. أخيراً يخلص الكاتب إلى النتيجة أو ما يسميه خلاصة القول وهو هنا أن نهج الاعتدال يفعل «بإسرائيل» أكثر مما يفعله الممانعون وقد باتوا اليوم مصدومين. هل بات الممانعون مصدومين حقاً؟ ألم يتوقعوا ما سيجري بخسائره وفوائده؟ إذاً فمن المصدومون؟ إنهم والله أعلم من كانوا ينحازون للاعتدال بالمطلق فأحرجتهم وصدمتهم دموية إسرائيل تجاه فعل تضامن سلمي معتدل.
|
|