وتحت هذا العنوان عقدت ندوات ومؤتمرات على المستويات المحلية والعربية , مع أن أخطار ذلك الغزو لم تكن كبيرة نظرا لمحدودية الجهة المستهدفة ومحدودية الوسائل المستخدمة فيها , فالطبقة المثقفة كانت الهدف , وتمثلت وسائل الغزو بالكتب والصحف والسينما .
وإذا نظرنا إلى الواقع العربي الراهن سنجد أن الغزو أخذ أبعادا واسعة , سواء من حيث وسائل الغزو أو القطاعات المستهدفة , فها نحن أمام كم هائل من وسائل الغزو وفي مقدمتها الفضائيات والانترنت التي تبث برامج ومواد متعددة مليئة بالسموم الفكرية الموجهة للجميع .
وتزيد الظروف الراهنة العامة التي يمر بها العرب من صعوبة المواجهة, وبالتالي أصبحنا أمام أولويات حرجة , فالغزو الثقافي يستفحل في وقت تتوجه فيه أنظارنا إلى الغزو العسكري والقتل المنهجي المنظم , والضغوط السياسية على الأقطار العربية , والهيمنة الإعلامية والحصار التقني والانفراد ببرمجة وسائل الاتصال , وزاد في الطنبور نغما اختلاط الأوراق بسبب عمليات إرهابية في أوروبا.
ويزيد الحالة سوءاً الظروف المعيشية التي تدفع قطاعا واسعا من الشعب العربي للبحث عن تأمين متطلبات الحياة اليومية قبل التفكير في المواجهة .
و يمكن القول أن المواجهة الثقافية والفكرية احتدمت الآن , فالغزو أصبح بين ظهرانينا , و انتقلنا من مرحلة مواجهة الغزو الثقافي المتوقع إلى مرحلة مواجهة الغزو الحاصل .
ومع كل ما جرى ويجري قد يسأل سائل : هل نستسلم أو نيأس ? والجواب لا, لأن الاستسلام واليأس أحد الأهداف الرئيسية للغزو , وقد تبدو مواجهة الغزو الثقافي صعبة , لكنها ممكنة إذا وجدت همم عالية من المثقفين ومن الهيئات العربية المعنية بالشأن الثقافي والفكري .