تعود الحكاية إلى مطلع سبعينات القرن الماضي، تحديداً غداة حرب تشرين بين العرب و اسرائيل (1973).. كانت حواراً ثم تحولت إلى مقال صحفي نشر في حينه في مجلة جيش الشعب التي تصدر عن الادارة السياسية للجيش والقوات المسلحة.
توقع صديقي الذي كتب المقال وهو من خارج القطاع الاعلامي، بل هو مهندس زراعي، أن العالم وخلال نصف قرن سيحسم مٍسألة التنافس على القوة العسكرية بين الدول العظمى لتتحول هذه إلى دول العلم والحكمة والنمو الكبير الذي يؤهلها للتحكم بالعالم دون حاجة للقوة المسلحة.. في حين تتحرك بعض الدول النامية ذات القوة العسكرية الفائضة عن حاجتها لملء الفراغ وسيطلق عليها اسم الدول القوية، وهي التي ستتورط بالنزاعات المسلحة وخصوصاً فيما بينها !!!.
تذكرت ذاك المقال، الذي استعرضت فكرته بتصرف، المكتوب من غير اعلامي، بما يعني أنه كتب بصدق وبعيداً عن التوجهات التي يتبناها الاعلاميون لأسباب شتى، وغالباً تكون على حساب الحقيقة الموضوعية، تذكرته وأنا أتابع ما يثيره الغزو السعودي لليمن من ردود وتعليقات تثير الضحك والتوتر معاً، وأكثر ما يضحك و يوتر أن تتابع (العسيري) يشرح عبقرية الخطط العسكرية والقوة السعودية التي لا تقهر، أو مايشرحه الاعلام الواصل لأموال الخليجيين أو طامح للوصول، من أفق التحالفات والعداوات والحروب القائمة والقادمة... وماذلك كله إلا تحويل لهذه القوى المالية أولاً... والعسكرية والاعلامية التابعة لها إلى قوة مقاتلة شرسة ضد الدول الصغيرة الفقيرة الجارة والشقيقة، ولمصلحة الدول الكبرى وتوابعها التي تكتفي بالدعم حيث لها مصلحة.
بالأمس كان سعود ابن سعود يشخص، ويشرح أفق حربهم بلا حدود على اليمن وحتى حدود إيران ! وإلى جواره وزير خارجية فرنسا يتيه اعجاباً... أريد واحداً فقط في العالم يشرح لي ما الذي يمكن أن يحويه ابن سعود يعجب هذا الفرنسي المتحضر !!! أريد واحداً في العالم يشرح لي كيف تعجب الولايات المتحدة الأميركية ومعها الاتحاد الاوربي، بدور تحاول أن تلعبه دولة قزمة كقطر مثلاً.
أوضح من ذلك... أعلن الرئيس باراك اوباما في قمة الأميركيتين انتهاء عهد التدخلات الأميركية المسلحة المباشرة بدول أميركا الجنوبية وتصالح مع كوبا في الوقت الذي أكد استمرار وتطوير الدعم للسعودية الغازية لليمن !. بل ان الولايات المتحدة في عهد اوباما جمعت جيوشها ولم تنشرها، وهناك من يقاتل لصالح ماتريده... في سورية.. في العراق... في فلسطين... في اليمن...
ماالذي تريده الولايات المتحدة ومعها الغرب الاستعماري في اليمن...
أولاً – أن تغرق السعودية في وحوله...
ثانياً – تأجيج الصراع البارد والساخن في المنطقة... لإظهار الفوضى التي تسببها الدول القوية المفترضة....
أن يبقى لهم دور الحكم الذي تعود إليه الدول الفقيرة لحسم النزاعات بينها و لو كانت نزاعات على اجتهادات دينية اسلامية.
as.abboud@gmail.com