وأهم أشكال هذا الفساد ما مارسه بعض الأشخاص وبعض الشركات الكبرى الوطنية والأجنبية من سياسة إفساد كانت خارج حدود السيطرة الرقابية، فكم من هذه الشركات الكبرى التي دخلت إلى السوق السورية قبل الأزمة بشراكة غير معلنة مع رجال أعمال محليين ومسؤولين بهدف الإفساد الاقتصادي ! وكم هو حجم المعلومات الاقتصادية والاجتماعية وقواعد البيانات التي حصلت عليها شركات خارجية بقيت دون استثمار، وراوحت في مكان البحث العلمي والاستقصاء ومتطلبات العمل ! ولمصلحة من كانت تعمل ولمن قدمت معلوماتها في الخارج ولدول أصبحنا في فترة وجيزة اقتصادياً أكثر من أصدقاء ؟ وما وجدناها خلال الأزمة حوتاً يريد أن يبتلعنا ويسرق منشآتنا وخبراتنا كما فعلت تركيا كمثال.
وكانت لجنة تحديد وتوصيف جرائم الفساد التي شكلت منذ بداية الأزمة وأرادت وضع النقاط على الحروف في مواضيع الفساد وتحديد آليات المكافحة قد أشارت إلى خطورة هذا النوع من الفساد الذي اتبعه أشخاص وشركات كبرى وطنية وأجنبية، حيث لمسنا حجم الخيانات من الكثير من تلك الشركات التي كان من المفترض أن تكون تحت دائرة الرقابة ومن أعلى المستويات الحكومية، ولاسيما بالوقوف وراء الأساليب التي اتبعت لدخولها إلى السوق السورية، ولعبة المناقصات الخارجية وتحاصص المشروعات الكبرى، والغريب أنها ومنذ العام الأول من الأزمة اختفت عن الساحة، وخرجت مع أدواتها من السوق إلى الخارج، وحولت أموالها واستثمرت معلوماتها في تدمير البلد.
اليوم ومع دخولنا العام الخامس من الأزمة والحرب بكل أشكالها، يتكشف يوماً بعد يوم أن ما جرى من سرقة الكثير من المنشآت الصناعية ومحاولة تدمير مقومات الاقتصاد كان وراءه أياد ٍخفية ، فالمعلومات والملفات التي يمكن كشفها عن أمور في الماضي غير البعيد، تجد أهميتها الكبرى في واقع أليم نعيشه وحصدنا نتائجه، ومع بدء التخطيط لمرحلة إعادة الإعمار وعودة الحياة الاقتصادية للبلد، فنحن بأمس الحاجة لنعيد النظر في واقع من سيقاتل تلك الشركات الخارجية للدخول في تلك المشاريع، وأن يتم وضع الضوابط مستقبلاً لتكون أي من تلك الشركات الخارجية عاجزة عن تطبيق أي عمليات فساد مبطن أو معلن وتحت أي غطاء..أوجعتنا الحرب وحجم الدمار والخراب، ومن المفترض أن نستفيد من دروس الماضي..فهل نفعل...؟