وتضيف قسطا آخر من الغموض على النوايا التي تقف خلف عقد المؤتمر، بعيد أيام من إعلان واشنطن لإستراتيجيتها النووية المثيرة هي الأخرى لجدل لن تنهيه كواليس وأروقة المؤتمرين.
إذ لا يخفى على أحد أن الالتباس، ليس مجرد إشارة استفهام كبرى فحسب، بل يقتضي بالضرورة أن تكون خلفه تلك النوايا غير المعلنة، بل ربما يشير صراحة إلى ممارسة تقود إلى تفخيخ الشعارات المرفوعة، وصولا إلى صيغ تملي حضورها في المؤتمر وبالأفخاخ ذاتها.
وحتى تتضح الكثير من النوايا غير المعلنة أو تلك التي قد تنفرد بها أروقة واشنطن هذه الأيام تطفو على السطح الكثير من الظواهر الموجعة التي تستدعي بالضرورة التوقف عند مفاصلها الأساسية حين تخرج عن نطاقها التقليدي والمعتاد وتطرح لأول مرة مكاشفة صريحة حول المسكوت عنه دوليا حتى اللحظة .
فقد أتخم العالم على مدى العقد الماضي بشعارات تكاد أن تكون منسوخة اليوم، لكن ببعد نووي، والمفارقة تتكرر بنماذجها المختلفة والمتعددة، وصولا إلى إعادة تركيب الوهم باتجاهه المغاير كليا للحقيقة، لتبتعد الصورة عن الواقع وتصبح جزءاً من آلية الإقحام السياسي وكأن مقولة بوش من ليس معنا هو ضدنا تحضر بنسختها الجديدة.
ومن لا يوافق واشنطن على ما تطرحه اليوم سيكون معارضاً، ومن يعارض محاربة الإرهاب بالتوصيف الأميركي الذي اصبح اليوم باسمه الجديد الإرهاب النووي، ستثار حوله الكثير من إشارات الاستفهام وعلامات التعجب.
الفارق أن هناك صوتاً يعول عليه، هو الصوت التركي الذي سيحاول أن يرسم إطارا مغايرا إلى حد بعيد، لكن لوحده قد لا يكفي، ولا بد من أصوات أخرى، تجهر بالإرهاب النووي الإسرائيلي المخيم على المنطقة منذ عقود، ولا صوت دولياً يشير إليه، لا في العلن ولا في السر.
في مقابل ذلك سيكون هناك ضجيج وصخب يفقد الكثير من الأصوات حضورها إلا كشاهد إثبات على صمتها المريب، لأن ذلك الحضور بحد ذاته كان ولا يزال يثير الريبة والشكوك في المنحى الذي تتجه إليه خطوات المؤتمر، وما يرسمه من فصول مكررة في مشهد يكاد ان يتطابق مع ما سبقه، والفارق الوحيد أنه يفقد لغة الاستلاب، وإن كان لا يجهلها أو لا يلغيها في أقل تقدير.
الصوت التركي الذي أغضب إسرائيل إلى حد أنه أرق التحليلات الإسرائيلية وكان مادة دسمة لتسريبات متتالية، عكر المزاج الأميركي ويبدو أنه عدل الكثير من الاتجاهات التي كانت تعول عليها إدارة أوباما خلال مؤتمر واشنطن.
a-k-67@maktoob.com