تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مدن في القلب

معاً على الطريق
الأربعاء 17-6-2015
أنيسة عبود

.. وفي القلب أيضاً أطفال الأشرفية والسريان وشارع النيل والسبيل، وكل الذين استشهدوا في حلب الغالية..وخاصة الأطفال الأبرياء.

وا أسفاه، سيأتي رمضان ولن يجدهم على الإفطار.. وسيمر (المسحّراتي) ولن يفيقوا ليشربوا التمر هندي..لن يعنيهم انتظار معرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود ليتوقفوا عن تناول التمر وشرب الماء.. وإذا يأتي العيد.. لن يطالبوا أمهاتهم بالنزول إلى سوق التلل ليشتروا ثياب العيد.. سيغطّون في نوم عميق. لن توقظهم الطبول ولا الألعاب الجميلة.. وعندما تفتح المدارس أبوابها في أيلول لن يتعبوا في حمل الحقائب ولن يحتاجوا إلى عرائس اللبنة والزعتر.‏

وفي حلب اليوم أمهات لن يستيقظن باكراً ليجهزن أطفالهن للذهاب إلى حديقة السبيل.. ولا إلى الحديقة العامة التي يقف على بابها أبو فراس الحمداني.‏

كما لن ينشغلن بتحضير الإفطار لأزواجهن الذاهبين إلى معامل الغزل والنسيج..‏

في حلب التي في القلب دم يسيل اليوم من الأشرفية إلى حي السريان.. ومن القلعة إلى عمامة المتنبي. ومن السلطان سليم إلى السفاح أردوغان..‏

في حلب.. شعب صابر..قامته أعلى من القلعة.. يودّع أطفاله ويهمس (حسبنا الله ونعم الوكيل)‏

******‏

وفي حمص العديّة اليوم حدائق ورد أحمر تسير وحدها إلى قبور الشهداء الأطفال.. تلقي على أرواحهم العطر والسلام. وتمسح عن خدّ العاصي دموعاً دامية.‏

في حمص.. نخيل يجيء من صوب تدمر.. يحمل تاج الملكة زنوبيا وينخ على قبور الشهداء.‏

وفي حمص.. يترجّل الزمن عن صهوة النسيان ويمشي في الحارات العتيقة.. لم يرَ (خالد بن وليد) ولا وجد ديك الجن ولا الحجارة السود. لكنه بكى حين مرّ بالمقابر.. وانحنى للعتبات العالية لأمهات الشهداء.. خصّ حي عكرمة بالتحية.. ورمى شاله على المدينة ومضى وهو يدمدم (لكي يكون لك وطن يجب أن تقدم التضحيات)‏

******‏

والتضحيات كبيرة يا سيدي.‏

والوطن كرامة. ومن لا وطن له لا كرامة له.. لذلك -ليبعق.. ولينعق - المعارضون المرميون على أرصفة الأمراء.. يستجدون الدنانير وينفذون القتل بشعبهم وأبناء جلدتهم. فهل رأوا حلب الجريحة؟. هل سمعوا بنحيب تدمر؟ بنخيلها وآثارها وشعبها.. و(صوانتها) ومناجم فوسفاتها؟ أمَا خجلوا من دماء أبنائها؟‏

من يحب وطنه لا يدمره.. من يحب شعبه لا يذبحه. ألا فاخجلوا من المرايا عندما تنظرون فيها لأنكم ستجدون في المرايا وحوشاً ضارية مربوطة بسلاسل إلى حذاء صهيوني.. وأميركي،ووهابي، وكلما اهتز الحذاء وهمّ بالمسير.. تسيرون خلفه حيث يسير .فارأفوا بأنفسكم أولاً حتى تعرفوا كيف ترأفون بوطن بناه الأجداد لنرثه عظيماً، شامخاً وليس ممزقاً كقماش عتيق.‏

******‏

ودمشق التي في القلب.. لها قلبي.. وإلى الجوار درعا وبصرى الشام.. وذاك السهل الفسيح كأغنية حبّ لا تنتهي.. يا سهل حوران.. حيث تميل الأرض لتحضنه ويميل القلب ليشم تربه..‏

والجوار أيضاً جبل الريان. يا حبّذا ساكن الريان من كان.. ولن يكون سوى أهلنا في السويداء الحبيبة.. تسهر على عتباتهم كروم التفاح والعنب.. ويلتفت نحوهم جبل الشيخ فتستيقظ مجدل شمس لتتلقف شروق الشمس من جهة القلب. فيبدأ وادي الصراخ، وادي الفراق والألم بالتلويح للأهل في الوطن الجريح.. وتبدأ الكروم الغافيات في الجولان تمشي الهوينى لتصل إلى الأهل في السويداء، ولكن أهلنا.. أحفاد سلطان باشا الأطرش الذين يأبون الضيم والذل يخرجون لملاقاة رجال الوطن. أبطال الجيش السوري العظيم.. يذرف الوادي دمعة ويركع أمام نساء السويداء العظيمات وهنّ يجهزن غداء الرجال الأبطال. يا له من مشهد عظيم.. ويا لهن من بطلات بارّات بالوطن. عليهن السلام.‏

..................................‏

والوطن يا سيدي أغلى من الروح. لا يعرف قيمة الشوق للوطن إلا من يكابده.‏

والوطن.. هو اللاذقية بمنديلها الأزرق البحري.. وهو حلب وقلعتها. وهو الوردة الشامية التي تنبت على قبور شهدائها.. هو الطريق الذاهب إلى زنوبيا والمشرق إلى شرادق أبي نواس على نهر الفرات.. هو حداء القطا على نهر الخابور وجبل عبد العزيز في الحسكة.. وهو رسائل الأحبة وكروم الزيتون في طرطوس، وبيارات البرتقال وحكايات الأجداد.. هو رائحة قمح الرقة.. وصمت الرصافة وتنهدات قصر الحير.. هو كلّ الذين يشعلون الضوء في بحر الظلام ليقرأ أطفال سورية في الضوء -حماة الديار عليكم سلام-.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 689
القراءات: 820
القراءات: 735
القراءات: 697
القراءات: 734
القراءات: 657
القراءات: 682
القراءات: 881
القراءات: 929
القراءات: 760
القراءات: 735
القراءات: 775
القراءات: 761
القراءات: 857
القراءات: 757
القراءات: 750
القراءات: 740
القراءات: 824
القراءات: 735
القراءات: 885
القراءات: 744
القراءات: 791
القراءات: 878
القراءات: 959
القراءات: 763

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية