فليس للرجل ذاك التاريخ الطويل من الزعامة والقيادة وبناء الاتجاهات السياسية!، كل مافي القضية أنه كان نائباً لعلي عبد الله صالح، جاء تكليفه بالرئاسة، فض مشكل، وورقة حل للوضع الذي تعقد في اليمن بعد خروج مواطنيه مطالبين بالحرية والديمقراطية.
أعتقد أن كثيرين منكم لا يعرفون من هو عبد الله السلال..؟! لعل رحلة سريعة في الذاكرة تفيد في استيضاح مايحيط بالعدوان السافر على اليمن، أسميه عدواناً سافراً لأنني أرى أنه ليس في التاريخ أسوأ من التدخل العسكري والقوة الباطشة لحل النزاعات في أي بلد كان. ثلاث تدخلات للاتحاد السوفييتي في المجر وتشيكوسلوفاكيا وافغانستان ساهمت بعيداً في رسم مخطط التراجع حتى النهاية؟!... تدخلَ حيث كان يمكن الحل دون القوة.. وأحجمَ يوم كان يجب أن يتدخل أبان الحرب العربية الإسرائيلية 1967، ويقيني أن التاريخ لن يمنح يوماً صك البراءة للتدخل الغربي في يوغسلافيا وتقسيمها، على الرغم من أبواق الدعاية الغربية وملحقاتها ملأت الدنيا صخباً حتى ظننا أن في الحكاية مأثرة.. ثم.. لماذا نذهب بعيداً؟ هناك التدخل المصري في اليمن نفسه! أيام الراحل جمال عبد الناصر، وكان كارثة على مصر وعبد الناصر والعرب.. وهذا يفتح الحديث عن المشير السلال، لنبدأ جولة قصيرة في الذاكرة.
لعل اليمنيين أكثر الشعوب العربية انتماء للعروبة.. بل إن اليمني لايجد له ماينتمي إليه إلا ذلك الانتماء، أكثر من المشرق وأكثر من المغرب.. هذا الانتماء في اليمن غير مشوب بدين أو طائفة أو عرق أو نفط وسرقة ثروة أو مطامع استعمارية، اليوم يقولون «الحوثيون».. قلما سمعنا يوماً عنهم! وأعتقد أن معظمنا يجهل إن كانت تلك طائفة مذهبية أم عشيرة..لكن.. عندما تكون القاعدة وصانعوها هم الآمرون في اليمن.. من يلوم حوثياً أو غير حوثي على تحركه؟!
عندما قامت الوحدة بين سورية ومصر عام 1958 هلل اليمن وكانت تحكمه الإمامية متمثلة بأسرة حميد الدين للوحدة وأسرع الامام البدر ليطلب الالتحاق بركب الوحدة، ثم اتفق أن يكون اتحاداً فيدرالياً وليس وحدة ليتناسب مع وضع اليمن. ولعل كثيرين فاجأهم يومها أن يندفع اليمن بهذه العزيمة إلى الوحدة العربية.
لم يمض على ذاك الاتحاد طويل الزمن حتى قام الجيش اليمني بانقلاب على الإمام البدر الذي استطاع أن ينجو منه واعلن الحرب على الانقلاب وظهرت زعامة وولاية السلال، وكان ضابطاً اختار لنفسه رتبة مشير!
خاف عبد الناصر على «الثورة» فكان أخطر قرار اتخذه في حياته – رحمه الله - وهو التدخل العسكري باليمن.. مما أنهك مصر واليمن وأساء كثيراً للفكر الوحدوي والانتماء العروبي.
بعدها دخلت اليمن في مرحلة الصراع على السلطة ومر عليها مجموعة من القادة.. الارياني.. البيضاني.. النعمان.. وصولاً إلى المرحوم المقدم ابراهيم الحمدي والذي اغتاله من حلَّ قائداً لليمن من بعده ومات مقتولاً أيضاً – بشر القاتل - وهكذا وصولاً لعلي عبد الله صالح.. والبقية تعرفونها.
يعرف اليمنيون جيداً، أن ثمة نصيراً لهم دائماً بعيداً عن أي مطالب أو مطامع، هو سورية. وثمة معتد عليهم دائماً طامع بهم هو السعودية.. هذا يدفعني إلى مقالة أخرى بهذا الصدد الاسبوع المقبل ولاسيما أن هذه الملامسة للذاكرة حول اليمن اقتصرت تقريباً على الصراع على السلطة فيه.