تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخيانة.. كيمياء أيضاً!

معاً على الطريق
الثلاثاء 27-8-2013
خالد الأشهب

في عالم الكيمياء ثمة قاعدة تقول.. إن المواد الداخلة في التفاعل الكيميائي لا تفنى ولا تزيد أو تنقص، إنما تتغير حالتها الفيزيائية بعد التفاعل عما كانت عليه قبله، ولعل في عالم السياسة

والصراعات التاريخية المزمنة ما يشبه تطبيقات هذه القاعدة العلمية، إذ ترى الكثيرين من متابعي الشأن السياسي.. سواء أكانوا من العامة أم من الدارسين والخبراء والمحللين، يقولون لك في بداية أو نهاية ما يحللونه ويدرسونه من الأحداث، ويذهبون أحيانا إلى الانخراط في محاولات التأكيد والتوثيق: إن التاريخ يعيد نفسه، وإن ما يحدث اليوم هنا حدث من قبل هناك.. والفارق فقط هو تغيير بسيط في الحالة الفيزيائية للأشياء والشخوص والرموز.. تماماً كما القاعدة الكيميائية العتيدة إياها.‏

ما زلت وما زلنا جميعاً نذكر ذلك المشهد التلفزيوني الذي ظهر فيه وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول ذات يوم، وهو يرفع زجاجة صغيرة تحتوي سائلاً مصفراً أمام العالم وأمام عدسات المصورين والكاميرات التلفزيونية، ويقول لنا إن هذا جزءاً من سلاح تدمير كيميائي شامل يخبئه العراق، وإن أجهزة المخابرات الأميركية استطاعت أن تتحصل عليه بطريقتها الخاصة، رغم أن لجان وبعثات الأمم المتحدة والمتخصصين من أفرادها لم تستطع إثبات وجود تلك الأسلحة ولم تجزم بوجودها.. ورغم المغمغة والتردد في خطابها حينذاك تحت وطأة الضغط السياسي الأميركي الناتوي الهائل عليها.‏

قد يتشابه ما يحدث اليوم حول سورية مع ما حدث حول العراق في الأمس وأدى إلى تدميره وقتل شعبه وخرابه بعد احتلاله، وذلك ليس لأن التاريخ يعيد نفسه، بل لأن صانع التاريخ هو نفسه هناك يعاود عملية المزج بين مكونات التفاعل ذاتها هنا مرة بعد مرة. غير أنني، وأنا أراقب ما يجري حول سورية اليوم وأسترجع ما جرى حول العراق في الأمس وأتصور ما يمكن أن يجري حول مصر أو غيرها من الدول العربية في المستقبل، اكتشفت مكوناً من مكونات التفاعل إياه.. يحث التفاعل ويحرضه ويسرع به إلى بلوغ النتائج التي يراد لها أن تكون متطابقة دائماً على يد الكيميائي الأميركي ذاته، مكون لم يلحظ أحد حضوره المدوي والخطير بين مكونات هذه الكيمياء السياسية المائعة، بل لم يرد أحد المجاهرة أو الاعتراف به علانية خجلاً أو قهراً أو حتى.. تجملاً!!‏

في كل تجربة تحرر وطني أو قومي كان ثمة عدد بسيط ولا يرى من أبناء الأمة خونة وعملاء, يراهنون على الأجنبي والغازي، يتجندون ويدخلون بخياناتهم وعمالاتهم ذلك المختبر الكيميائي التحرري، للتأثير في المكونات الأخرى وحرفها عن تغيراتها الفيزيائية ولتغدو بعد التفاعل مختلفة عما كانت عليه قبله، لكن، في هذا التفاعل الجاري اليوم حول سورية.. ثمة عدد قياسي من العرب خونة وعملاء.. لا يدخلون التفاعل لحرف مسارات مكوناته فحسب، بل ليرغموا التاريخ على إعادة نفسه عنوة... أليست الخيانة كيمياء أيضاً؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2185
القراءات: 2089
القراءات: 2511
القراءات: 2460
القراءات: 2241
القراءات: 2606
القراءات: 2555
القراءات: 2490
القراءات: 2260
القراءات: 2582
القراءات: 2795
القراءات: 2691
القراءات: 2384
القراءات: 2844
القراءات: 2909
القراءات: 2996
القراءات: 2781
القراءات: 3156
القراءات: 3109
القراءات: 3210
القراءات: 2610
القراءات: 3079
القراءات: 3565
القراءات: 3330
القراءات: 3386

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية