إسرائيل التي اعتادت أن ترد دائماً على ما يسمى بالمبادرات .. بفصل إجرامي آخر.. إنها قامت بجريمتها في الأقصى.. وهي رسالة رغم قِدَمِها مهمة لسببين:
1-كي لا يفهم العرب «ترحيب» نتنياهو بغطائهم لمحادثات التنازل الفلسطيني «غير المباشرة» إلا بسياقه الطبيعي.
يعني ألا يتوهم أي عربي أو شبه عربي أن إسرائيل تزمع تغييراً في موقفها ولو بسيطاً، تجاوباً مع الاستجابة العربية للرغبة الأميركية في التنازلات الفلسطينية، التي تقول الرسالة الإسرائيلية: إنها لن توصل إلا إلى هدر الزمن ومزيد من التعنت الإسرائيلي ورفض السلام.
2-ألا يعتقدون أيضاً أن إسرائيل تجهل ضعفهم الذي أوصلهم إلى هنا.. ولم تنفع فيه استجارتهم بالوصي الأميركي الذي يبحث عمن يستجير به من السلوك الإسرائيلي.
رسالة إسرائيلية قديمة... لكن كونها تأتي في اليوم التالي لموافقة السلطة الفلسطينية على محادثات غير مباشرة.. فهي دون ريب تحوي جديداً بأنه لا جديد!!.
ورسالة من الشعب الفلسطيني.. من أبطال الأقصى والقدس وغزة وغيرها..
تقول:
ونحن أيضاً غير معنيين بما تقررون على طريق التنازلات وتصفية القضية استجابة لأميركا أو غيرها.. نحن هنا.. نحن المقاومة.. والسلام يأتي حيث نحن وليس حيث أنتم على خط التصفية.
وهكذا..
في الأيام الأولى التالية لإعلان الاستعداد العربي للتنازلات.. تُعلن الحقائق أن لا جديد أبداً.. ولن يكون من نتيجة.. فلا أنتم قادرون على الوصول إلى السلام.. ولا أنتم قادرون على لجم المقاومة التي وحدها قادرة على صنع السلام.
على وقع هذا وذاك يصل السيناتور الأميركي جورج ميتشل إلى المنطقة.. تحديداً إلى إسرائيل.. هو أيضاً تسلم الرسائل.. وهو الأتعس حظاً بين الجميع.
سيشرح.. سيحيي العرب على التنازلات.. سيهمس لإسرائيل أن «من مال اللـه..» سيعود خالي الوفاض حتى من تصريح سياسي يعنى بالأمر.. يوضح احتمالاً.. يطفىء لهفة المنتصرين.
أبداً.. لن يكون لزيارة ميتشل هذه أي رد فعل أو إضافة على ما يجري.. هو جاء ليأخذ وليس ليعطي.. أعني ليأخذ بياناً.. وليس ليقدم وعداً أو ضمانة.
ضمانة على ماذا؟ إذا كانت السلطة الفلسطينية لم تطلب أي ضمانة وأعلنت بصراحة أنها ماضية في طريق المحادثات دون أي ضمانة!!.
ربما تشعر الولايات المتحدة أنه يمكن على هامش التنازلات الفلسطينية التي رحبت بها.. أن تحرز ما يحفظ ماء الوجه.. لكنها عاجزة حتى عن إعطاء موعد محدد زمنياً لفعل مهما صغر شأنه..!!
وها هو ميتشل هنا.. والحكاية أيام وفقط..
لن يفعل إلا أن يضيف إحباطاً وفقدان أمل لكل من ينتظر السلام.. هذا واضح وليس- لا سمح الله- تنبؤاً..
من أين؟!
من أين سيأتي الوعد؟!
إذا كانت الدولة العظمى تلجأ إلى أضعف أحجار الشطرنج لتمارس لعبة الشرق الأوسط.. من أين يحلم بيادق الرقعة بمستقبل وزراء السلام.؟
إذا كان ثمة فعلاً من ينتظر نهاية الأشهر الأربعة المحددة فإن كل الرسائل تقول هي فترة صغيرة للتثاؤب فعلاً.
a-abboud@scs-net.org