واذا كان الامر على النحو من البساطة والسهولة والوفرة كما يدعون ويرون, واذا كان بهذا القدر من الوضوح والجلاء, فلماذا نتعثر في مانعتقد اننا ننجزه من الاصلاح والتطوير, ولماذا تتزايد العقبات والمطبات في الطريق اليهما, ولماذا نتلقى اخبارهما بكل هذه الدهشة والذهول وبما يبدد أي معقولية او محاكمة منطقية يمكن ان يحيط بهما, ولماذا تفاجئنا البدائل دائما بأنها اسوأ من سابقاتها, فلا يمضي وقت قصير إلا وتتأكد لنا رداءتها, ونكتشف ان ما أحاط بها لم يكن غير سلوفان لامع رقيق وهش وسهل التمزق, ويا لسرعة ما يتمزق, ولكن بعد ماذا ? بعدما يمر الخنجر الى الخاصرة ?
( من يعمل فلابد ان يخطئ )
اجل, ولكن ان تتحول المقولة من تبرير الخطأ النسبي والعابر الى متراس تتراكم خلفه الأخطاء لتغدو قاتلة مدمرة, فتلك حكاية اخرى لايعود علاجها الى التلطي خلف مثل هذه المقولات المستهلكة, بل وخلف الاتكاء على حسن النيات من جهة والجهل المتخفي من جهة ثانية, ولأن ذلك لايعني في محصلته الا تشريعا للرؤية الشخصية والمزاجية في استنباط وجهات الاصلاح والتطوير على طريقة تفاحة نيوتن وسقوطها الحر, ولاستبعاد العقل وحساباته من ان يكون رائدا في هذه الوجهات .
مرة ثانية نقول : العقل الذي انجز التخلف واوصلنا الى مانحن عليه من الترهل والفساد وسوء الادارة وتراجع الانتاج, عاجز عن ان ينجز الاصلاح والتطوير, وعن ان يكون - بكل ما انطوى عليه من المزاجية والفردية والغيبية - رائدا في نقلنا الى الحداثة .
هذه دعوة لمراجعة حالة العقول المكلفة الاصلاح والتطوير, وللعزوف عن محاولة إحداث الانفصام في تلافيفها وتكرار تجريبها والمراهنة عليها بما لاتعلمه وتدعي انها تعلمه ??