فيما كان البلد وقتها يمعن في عد الايام السود وتلافي المرور على حواجز القتل على الهوية.
الفرق شاسع بين استقبال حار و وداع فاتر , إن لم يكن بارداً و..رسمياً, حيث تقفل بوابة الثلث قرن وخطها العسكري , ففي ذلك الوقت كتب البعض أشعاراً وأغاني في مديح سورية التي خلصتهم من أياد كانت تصر على ان الطريق الى القدس تمر عبر جونيه ومن عضلات محلية لهذه الايدي , لكن سرعان ما انقلبت الحافلة وانحاز من انحاز الى الطرف النقيض.
انها السياسة والمصالح .. لارب لهما , لكن ماحصل خلال هذه الاعوام الطويلة يستفز الاسئلة ومنها ماذا فعلنا بأنفسنا وببلادنا , أين الوحدة والحرية والعروبة بما ان البلدان الاشتراكية فقدت معسكرها , أين التضامن واللاءات الثلاث والصراع مع العدو الصهيوني وثورة حتى النصر , ومحاربة الاستعمار وإلغاء الطائفية والشرشحة العائلية والاقطاعية وحسم الانتماء الى الوطن? . أين الأحلام والوطن المرتجى الأخضر الحلم الطالع من رماد الفينيق ? . أين الشهداء والجرحى والأمهات اللاتي زغردن لأشلاء أبنائهن, وأين العدالة والحرية وتكافؤ الفرص? ماذا فعلت سورية في لبنان وماذا فعل اللبنانيون بسورية وبأنفسهم , وأين نحن الآن وماذا سنفعل?.
طبعاً هذه الأسئلة تحتاج الى أكثر من (معاً على الطريق) .. تحتاج الى طريق طويل نكون فيه( معاً ) , فالزمن زمن انهيارات وتبديل مواقع وتخبئة رؤوس وانتقال ألسنة واقفية , وإذا اردتم إثباتا ً فراقبوا بعض المداحين في مجلس النواب اللبناني وعلى رأي الدكتور عزمي بشارة راقبوا ماذا يقول الانتهازي تعرفون اتجاه الريح .
لقد تكلم الكثيرون من اللبنانيين عن عنجر , ولا أقصد البلدة التاريخية الاموية بل مركز الامن السوري جيد, لكن ماذا الآن عن عوكر , وهي مكان لاتاريخ أموياً له ولا حتى مملوكياً , بل تتربع فيه سفارة المس رايس.
الزمان زمان تحولات , لكن ابحثوا عن رائحة الروكفور, عن الفرنسي الحنون , فالمسيو بيكو لايزال يحب المنطقة الملونة,حصته التي تقاسمها ذات حرب مع المستر سايكس , وها هو يمد اصابعه من جديد بيد ان هذه ( الازمان) كلها افتراضية اذا اردنا ان نكون حقيقيين فحركة التاريخ يمسك بها الناس وقد جربنا ذلك مرة عام .2000
لم ينته العالم , ولايزال هناك أثداء ترضع حليباً محلياً , يخجل منه الذين تربوا على ( بودرة) الاجنبي , الذين يعطسون عند المنعطف , أيها المسيو بيكو , ستبقى الجغرافيا رغم أنف أمك , وسيبقى الناس , وسيبقى التاريخ, للذين يريدون أن يصنعونه طبعاً
وسيبقى لبنان ¯ وستبقى سورية ¯
لعل الذكرى...