وعادة يقوم هؤلاء باقتطاع واقعة من سياقها التاريخي ووضعها في قالب درامي, ليوهموا المشاهد أن التاريخ العربي ليس سوى جملة من الوقائع السوداء المضادة للفكر والعلم.
هذا ما فعله يوسف شاهين في المصير- عندما لم ير في عصر ابن رشد سوى حرق الكتب, وهو ما يعيده هيثم حقي في فيلم( التجلي الأخير لغيلان الدمشقي) بعد ثلاثين عاماً بالتمام والكمال على فيلمه الأول ( التقرير) انهم لايرون سوى حرق الكتب ويتجاهلون المخطوطات التي تعد بالملايين والتي تزين كبرى المكتبات العالمية.
وكما جعل من المومس(سلمون) في حصرم شامي بطلة ثورية في مواجهة وجهاء الشام -باعتبار أن ذلك المسلسل من إنتاجه -كذلك يجعل من غيلان خازناً على أيام عمر بن عبر العزيز ,وأن هشام بن عبد الملك قتله لأنه بدد أموال بني أمية.. لا أعرف كيف أصبح غيلان أمينا على المال العام, ولكن الحقيقة أنه قتل بسبب أفكاره التي استقاها من الجعد بن درهم.
ومثل هذه الأعمال هي بهلوانية فكرية أكثر منها عمل تغييري, لأن هدم واقعة تاريخية أو تزييفها غير ممكن... لكن من الممكن تحقيق الهدف الذي يصرحون به عند إنتاج مثل تلك الأعمال , وهي توجيه رسالة معاصرة مضمونها:( ما أشبه الليلة بالبارحة).
قد تثير مثل هذه البهلوانيات الفكرية إعجاب بعضهم لكنها بالتأكيد لن تستطيع قلب الحقيقة .