تحركوا ذاك الصباح حالمين بتغيير العالم وقلب أحوال شعبهم من الفقر والتخلف والعوز الى الغنى والرفاه والوفرة. لكن سنوات طويلة من المعاناة تركت آثارها في درب التغيير الذي اصطدم بكثير من مخلفات تلك السنين, فضلاً عما مارسته قوى البغي والتدخل الخارجي من محاولات لقتل روح التغيير, ودفن جذوة الثورة في نفوس اولئك الشبان الذين لم يخبروا الحياة, ولم يعرفوا متاهات الألاعيب السياسية.
كانت الصدمة فوق التوقع, وكانت المفاجأة كبيرة, إذ مثّلت مرحلة الانتقال من الثورة الى الدولة تحدياً غير مسبوق لأوائل البعثيين الذين نهلوا معارفهم القومية من منابعها الصادقة, سعوا لتحويل أحلامهم الى اهداف حقيقية, يعيشها ابناء المجتمع في المدن والارياف والبادية على السواء.
لكن الواقع العملي لم يتطابق مع الاحلام الوردية.
وبدأت رحلة البحث في اختيار الأساليب والطرائق المناسبة, فكانت التجارب المختلفة , وظهرت المطبات , وعانى الجميع من التراجعات, ولكن الخلاص الحقيقي كان الحتمية المفروضة, مادامت النوايا الصادقة تحكم الحالمين المخلصين, واهتدى الشرفاء الى طريقة الخدمة الاجتماعية المناسبة بالاستفادة من جميع مقدرات شعبنا البشرية والثروات الباطنية والاقتصادية المختلفة, وقدموا الدليل الأنقى على صدق المبتغى..
وحدها الأيام المديدة تقدم إجابات شافية على النجاحات التي صاغتها ثورة آذار وتدلل عليها الأرقام التي تشير إلى ملايين الطلبة ومئات آلاف العمال ومئات المصانع وعشرات مواقع الانتاج المبشرة, ومازال الأمل أكبر..