وإذا كان الحزب قد نجح في ثورة آذار بوضع حد لحالة الانقسام والاضطراب داخل المجتمع السياسي والحزبي في سورية, وأسس لحالة من الاستقرار مكنت القوى السياسية والمجتمعية تالياً من الاسهام في المشاركة بإعادة بناء الدولة على قاعدة التقارب لا التنافر, والمشاركة لا الإلغاء, فإن الحزب قدم رؤى مهمة على الصعيد الوطني والقومي.
هذه الرؤى والأفكار القومية وإن بقيت مجرد أفكار نظرية لأسباب موضوعية وأخرى غير موضوعية, فإن توالي الأحداث المتشابهة الى حد التطابق يؤكد صوابيتها والحاجة الى تبنيها وتحويلهاالى وقائع, وإن بروز التحديات ذاتها وسيرورة الأحداث المتشابهة لم تقلل من أهمية رؤى البعث وإنما تعمقها وتثبت من جديد أن خلاص الأمة بتضامنها ووحدتها التي تكفل لها نهوضها واستعادة دورها التاريخي.
فإذا كان من الصحيح القول في توصيف مرحلة الثورة إنها مرحلة عصيبة ودقيقة مليئة بالتحديات التي فرضتها وأملتها المخططات الخارجية التي تستهدف الأمة في حاضرها ومستقبلها, فإن الصحيح أيضاً القول: إن التحديات ذاتها ما زالت ماثلة اليوم, وبالتالي فإن المرحلة الحالية تزداد دقة وصعوبة بسبب فشل المشروع القومي العربي وتراجع المد القومي في مقابل تنامي وازدياد حدة ووضوح الهجمة والمخططات المعادية.
فما كان يدبر في الخفاء يقال اليوم في العلن دون استحياء, وهو ما يشكل خطورة مضاعفة ينبغي أن تشكل بدورها حافزاً إضافياً للعمل على التصدي لمخططات الرامبو الأميركي الذي لم يعد يخفي أوهامه بشأن المنطقة, والذي راح يجاهر بمشاريعه الشرق أوسطية, فمرة يريد صنع شرق أوسط جديد, وأخرى يريده كبيراً, ولا يرى سبيلاً الى ذلك إلا بدعم اسرائيل وتبني حروبها ومنطقها العدواني العنصري.
إن مواجهة نزعة الهيمنة الأميركية ومبدأ استخدام القوة لفرض وقائع جديدة في المنطقة يتطلب العودة الى الفكر القومي والحاجة الى إحيائه لحماية مصالح وحقوق وكرامة الأمة.. وإن الوقوف على أعتاب استحقاق القمة العربية في دمشق يشكل مناسبة وفرصة مهمة لاجتماع العرب واتخاذ مواقف مسؤولة من شأنها تفعيل التضامن والعمل المشترك ,والخروج بموقف موحد حده الأدنى الاعلان عن الرفض القاطع والحازم لمشاريع اسرائيل والولايات المتحدة ,والعمل والتحرك الجاد لاسقاطها.