وانطلاقاً من التقييم ايّاه قد يسأل سائل : لماذا تستمر الحرب اذاً، وما الأهداف التي تتطلع لتحقيقها الأطراف المشاركة التي تصرّ على مواصلتها، وإذا كانت هذه الأطراف لا تجرؤ اليوم على الاعتراف بفشلها وهزيمتها؛ فكيف تعترف غداً بهزيمة تزداد ثقلاً يوماً بعد آخر؟.
في تقييم نتائج الحرب؛ وفي الإجابة عن الأسئلة التي يثيرها التقييم ذاته؛ لا يمكن الوقوف إلاّ على حقيقتين اثنتين، الأولى فشل الحرب؛ والثانية محاولة الغرب تعويض الفشل بالاستثمار في الإرهاب؛ والتقليل من وقع الهزيمة بانتظار تهيئة الظروف التي تسمح له بالإعلان عن الاستدارة التي ربما يعوّل عليها لجهة تنصله من المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تترتب عليه بسبب دعمه الارهاب والتطرف لغايات سياسية ساقطة.
يتقن الغرب فنون الاستدارة والتملّص من المسؤولية التاريخية التي تترتب على حماقاته المتكررة عبر التاريخ، غير أنّه لا يجيد - ولو بالحدود الدنيا - ادارة نفاقه المكشوف وازدواجيته المقيتة، ورغم أنه كلاعب دولي لا ينقصه الذكاء، الا أن تبعيته لأميركا؛ وخشيته من الصهيونيّة وتهمة اللاساميّة الجاهزة؛ أفقدته الكثير من مواصفاته وقدراته حتى بات أسيراً لعقدة المحرقة المزعومة من جهة؛ ولتبعيته العمياء لواشنطن من الجهة الأخرى.
كبد حقيقة الغرب هو ذا ولا شيء غيره، ولو كان الغرب على صورة أخرى لما كان التقى برهة واحدة مع الوهابيّة؛ ولما كان تمكّن من عقد حتى لقاء مصالح مع الأعراب نفطيّة كانت أم غير نفطيّة، ولما كان وقع على التناقضات التي يقع فيها وعليها، فمن جهة يدعو هذا الغرب المنافق الى الديمقراطية ثم يغلق صناديق الاقتراع في وجه السوريين، ومن جهة ثانية يدعو الى احترام الحريات ثم يتحالف مع أنظمة خليجية ديكتاتورية عفا عليها الزمن منذ قرون، ومن جهة أخرى يعلن الحرب على الارهاب ثم يرتبط بأوثق وأمتن رباط مع تنظيماته فيقدم لها السلاح ويسخّر لها الفضاء والاعلام!!.
لا شيء يبرر للغرب أفعاله المشينة وتحالفاته القذرة؛ وما من شيء يخفي حقيقة ممارساته القميئة سوى حقيقة أنه بات أكبر مستثمر للإرهاب وفيه خدمة لمصالحه المشتركة مع الصهيونية العالمية، وعليه أن يعترف بأنّه صار أداة بيد الصهيونية التي يخافها ويخشى تهمتها الجاهزة، وعليه أن يقرّ بأنه أصبح أسيراً لها ولمخاوفه منها.
إنّ في اعتراف الغرب بهزيمة مشروع العدوان على سورية السبيل الى تحرره من التبعية لأميركا، وانّ في إقراره بفداحة خطأ تحالفه مع التطرف والارهاب السبيل الى العودة لأصالة مبادىء ثوريّة تحرريّة كان صدّرها في وقت سابق الى العالم، وإنّ في تخليه عن دعم وتبني كيان الإرهاب «اسرائيل» السبيل الى تحرره من عقدة الذنب المرتبطة بالمحرقة المزعومة، فهل يفعلها الغرب اليوم؛ أم أنه سيحتاج لجيل جديد من الساسة؛ أم أنه سيواصل الاستثمار في الإرهاب حتى يكتوي بناره فيرتد عليه وعلى الصهيونية والوهابية؟.