تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فلسفة المعارضة.. وبؤسها!

معاً على الطريق
الثلاثاء 8-10-2013
خالد الأشهب

لو كان ابن رشد معجباً أو قانعاً بما كتبه الإمام الغزالي في «تهافت الفلاسفة» لما كان له أن يكتب في «تهافت التهافت», ولو كان كارل ماركس معجباً أيضاً وقانعاً بفلسفة برودون في «فلسفة البؤس» لما كان له أن يكتب في «بؤس الفلسفة»..

فلماذا يذهب «فلاسفة» ائتلاف الدوحة ومجالس اسطنبول من السوريين بأرجلهم إلى التهافت.. من باب فلسفة التهافت وإلى البؤس من باب فلسفة البؤس؟‏

آليات الديمقراطية وممارساتها وصناديقها وأوراقها وطقوس تنفيذها لم تستغرق إعداداً سوى ساعات في العقل السياسي الأوروبي, الذي تعلم وعرف جيداً أن إسحاق نيوتن درس وجرب السقوط الحر عشرين عاما ليكتشف بعدها قوانين الجاذبية.. قبل أن تسقط التفاحة على رأسه في لحظات كما تعلمتم أنتم وكما تتوهمون.. ومع ذلك تدعون اكتشاف قوانين الاجتماع الإنساني بأسرع من سقوط التفاحة!‏

حوار الآخر وقبوله وتداول السلطة وإدارة شؤون الحياة والخير العام دون دوشكا وبي كي سي وآر بي جي, استغرق اربعمئة عام في العقل السياسي الأوروبي, الذي يعرف جيداً أن فلسفات البؤس والشقاء وبؤس الفلسفات وأشقيائها توالت وتوالوا على هذا العقل نحتاً وصقلاً وتلميعاً, قبل أن تنتقل به من حريات مارتن لوثر المتمردة مطلع القرن السادس عشر, وصولاً إلى تصويتات مجلسي العموم واللوردات البريطانيين أوائل القرن العشرين برفع الأيدي أو بأوراق في الصناديق.. وليس أشكال بؤس العناوين وفلسفة التصريحات وتهافت تضليلات الصور الفضائية المفبركة في عقولكم!‏

جنيف ليست قوس نصر ولا أنتم نابليونات القرن الحادي والعشرين, ولا هي حفل كوكتيل يقام على شرفكم بعد تسلمكم السلطة ومفاتيح الشام علانية, ولا هي حصان طروادي سري تتسللون به ومنه.. جنيف في سويسرا وعلى بعد آلاف الأميال من سورية وليست «سوق جمعة» في ساحة خلفية من دمشق!‏

جنيف مائدة حوار متواضعة وعابرة في رحلة العقل السياسي السوري الطويلة إلى قبول الآخر, إلى الديمقراطية بالوعي قبل الصناديق والأختام, واحدة من آلاف موائد الحوار التي شهدها العقل السياسي الأوروبي, الذي ترونه ولا تعرفونه, وفي قرون من السنين.. وليست توقيعات سريعة في ساعات على أوراق بيضاء كما تتوقون وتطمعون!‏

لا أدعو إلى أربعمئة عام أوروبية أخرى من فلسفات البؤس وبؤس الفلسفات في سورية, بل إلى حرق مراحل تؤدي إلى وعي الديمقراطية قبل صناديقها.. تماما ًكالألف وأربعمئة عام التي تعدوننا بحرق مراحلها في رحلة العودة إلى وعي دولة الخلافة, ولا فرق بيننا هنا سوى.. اتجاه المراحل وأدواتها والدم السوري المسفوك.‏

مزاحكم ثقيل, أتريدون تعليمنا الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان بخمسة أيام.. تماماً كما تعلمتم لغات ولكنات العواصم التي تلوذون فيها.. وتريدون منا أن نصدق أن ما تقولون هو فلسفة المعارضة لا بؤسها, أم تريدون العودة بنا إلى الخلافة والشورى بياقة بيضاء وربطة عنق وعطر باريسي.. وحينئذ, ما حاجتكم إلى البكاء على أطلال الديمقراطية؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية