تتفاوت توصيفاتهم وتتباين إلى حد التناقض تموضعاتهم، محاولةً خلط الحابل بالنابل، لتتبعه بقرار إنهاء الهدنة في اليمن التي لم تنفذ أصلاً، ولم يتوقف العدوان السعودي للحظة.
قد لا يبدو أن هناك صلة مباشرة بين الحدثين، لكن في سياق التصعيد السعودي الواضح، وحالة الانقلاب على التفاؤل الذي اتسعت مساحته نسبياً، سيكون من الصعب الفصل بينهما، بحكم أن التصرف السعودي لا يقتصر على الرسالة المزدوجة التي يريد توجيهها إلى الداخل والخارج في الآن معاً، بقدر ما يرمي إلى ما هو أبعد، ومترجماً ما هو أخطر، وأن الانكفاء في السياسة لا يعني الانحسار في التصعيد ولا التقليل من وسائل العدوان المتاحة، حيث ربع الساعة الأخير يحفل بالكثير من المفاجآت.
لن ندخل في لغة الأرقام بالرغم مما تقتضيه من ضرورة، ولا في أعداد الإعدامات السعودية التي تفوقت على التنظيمات الإرهابية التي أنتجتها، لكنْ..ثمة مشهد هو أخطر مما تحتويه لغة الأرقام ذاتها، حيث الجمع بين المتناقضات ليس حالة يتيمة في العرف السعودي، بقدر ما يعكس منهجاً لا يمكن لأحد في العالم أن يجاريه، فحتى أنظمة القرون الوسطى تشعر بالمهانة مما أقدم عليه نظام آل سعود حتى اللحظة.
الخطير ما تتقاطع عنده جملة من المؤشرات التي تشي بما هو قائم، ولا تستبعد من تنبؤاتها ما هو قادم، حيث يواجه النظام السعودي سلسلة من الانتقادات الغربية على وقع تعثره المتزايد، وتحوله إلى عبء على السياسة الغربية، وينتظر كمّاً إضافياً من تلك الانتقادات ليس على فعلته هذه -على ما فيها من تجنٍّ وحقدٍ- ومحاولة إشعال الصراع وتأجيج ما هو قائم منه، بل على التراكمات الحاصلة في سياق الأزمة الداخلية التي لم يعد الحديث عنها مقتصراً على الأروقة الداخلية أو الجلسات المغلقة، بل أضحت واضحة للعيان.
يضاف إليها حالة من الإفلاس التي لم تجد فيها التحالفات المعلنة أو تلك المضمرة، واللهاث السعودي خلف تحالفات دعائية لتأمين مخارجَ يمكن الاتكاء عليها للهروب من تلك الأزمات المتفاقمة، بعد أن سجلت فشلاً مزرياً في كل الملفات التي تبنّتها، وتواجه مأزقاً يتفاقم كل يوم، ولا تخفي سعيها المحموم لتصدير أزماتها فخلقت شرخاً في المنطقة وعملت على صنع هياكل من تلك التحالفات الوهمية التي تزيد من تصدعات العلاقة بين الدول الإسلامية.
وحين بدا كل ذلك بلا معنى أو تأثير،عمدت إلى الاضافة على بند الإرهاب ذاته، لأن التعويل عليه وحده لم يعد كافياً، والحبل على الجرّار في كثير من المواقف العدوانية المتهورة والرعناء التي تزيد من ضبابية المشهد في المنطقة، وصولاً إلى محاولة تفجيره من الداخل، بحيث يبدأ العام الجديد على أجندة من الأزمات المتفجرة التي ستكون لها تداعيات خطيرة، لا تنحصر في دلالة إعدام الشيخ النمر، ولا في مواصلة العدوان على اليمن بقدر مايهدد بالاشتعال الإقليمي.
عند هذه النقطة، تبدو المقارنة ضرورية، ليس من باب التشابه أو الاختلاف، ولا من زاوية التناقض أو التطابق، لكن من مفهوم الخطر الذي بات يمثله النظام السعودي على أبنائه قبل جواره، وعلى العالم قبل المنطقة، حيث إنّ كل ما عرفه العالم في عقوده الأخيرة من إرهاب كان مُنتَجاً سعودياً وبأموال سعودية وبحماية غربية لا شك فيها.
من هنا.. باتت السعودية اليوم خطراً محدقاً في رعونتها وفي حماقة صبيانية لساسة تتقاذفهم سلطة المال وتتاجر بهم شهوة النزوة المرضية الناتجة عن استطالات وتورّمات أكثر خطورة.
السعودية في روزنامة العام الجديد لم تعد مجرد عود ثقاب متحرك يقود الإرهاب العالمي وما ينتج عنه، بل تحوّلت إلى منصة مجون بجبهات مفتوحة، حيث ما تشعله لن يكون في نطاق ما تحدثه من صراعات إقليمية أو طائفية أو دينية، بل في الوباء الذي يترجمه «رعل» سعودي قالوا فيه احذروا الأحمق إذا ما ازداد ماله، وتجنّبوا الغبي إذا ما امتلك السلطة، وفي الحالين ثمة ما يدفع إلى الجزم بأن آل سعود باتوا قنبلة موقوتة وخطراً محدقاً على الأمن والسلم، ليس إقليمياً فقط، وإنما على النطاق العالمي!!
a.ka667@yahoo.com