تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في شــــرح المـفــــردات!!

معاً على الطريق
الثلاثاء 6-1-2015
خالد الأشهب

لا أظن أن ثمة مفردات فخرت بها قواميس اللغة دائماً.. أهينت وهزَلت وانتهكت ومسحت الأرض بها وبمعانيها ودلالاتها, كما حدث لمفردات الثورة والحرية والديمقراطية في هذا « الربيع « العربي البائس,

وإلى حد أن من كان يحتاجها فعلاً بات ينفر منها ومن سماع تردداتها بمناسبة ومن دون مناسبة على الألسن والأسماع, وصار لا يرى فيها سوى الشر الوبال واللعنة القاتلة والوصفة المناسبة للموت قبل الأوان أو للبؤس المستدام.‏

لم يكن لهذه المفردات, كما قرأناها وتعلمناها في أدبيات الفكر السياسي ويوميات الثورات العظمى وتجارب الديمقراطيات الكبرى في العالم, تلك الدلالات التخريبية والمعاني المدمرة والموت الزؤام.. كما رأيناها بأم العين في وقائع ويوميات ذلك « الربيع « العربي. ولم يكن لنا أن نشهد لهذه المفردات والدلالات والمعاني سقوطاً سياسياً مدوياً وخواءً أخلاقياً قاتلاً كالذي شهدناه لترجمتها وتطبيقاتها على أرض « الربيع « العربي إياه.. لو أننا أضفناها إلى قواميس لغتنا بوصفها نتاجات لغوية عربية لتجارب مجتمعية أصيلة.‏

وما كنا لنهين هذه المفردات وننتهك مناقبيتها الأخلاقية والمجتمعية العالية, ونحولها إلى فزاعات منفرة يخشاها كبارنا قبل صغارنا, لو أننا كنا نعيها ونتمثلها.. لا باعتبارها مفردات لغوية أصيلة أو معربة, بل بوصفها تعبيرات اجتماعية وحراكات ثقافية بيئية ناشئة ومتداولة في ما بيننا, ولو أننا كنا نحتاجها بوصفها ماء وهواء إنسانياً يمنح الحياة لا يقتلها, ولا نحتاجها باعتبارها ناراً ورصاصاً وسواطير.‏

بعد أربع سنوات ونيف على ربيع الجدب والمحل والعجف والمواسم المحروقة صار لنا أن ندرك ان الثورة وعي وأن الحرية وعي وأن الديمقراطية وعي, وأن لا شيء منها يأتي من فراغ ولا شيء يذهب إلى فراغ, وأن حرق المراحل بين همجية الوعي ووعي الثورة هو كذبة كبرى, وأن العبور من حرية القتل إلى وعي الحرية يحتاج سنين ضوئية من الزمن والمسافة لم نخط بعد منها خطوة واحدة, وأن صناديق الانتخاب هي النكهة المضافة إلى وعي الديمقراطية لا الديمقراطية ذاتها!‏

إذاً, فهذه هي الثورة وهذه هي الحرية وهذه هي الديمقراطية أيها العرب.. هذه هي كما ترجمتموها أنتم لا كما هي بالفعل, وكما فهمتموها أنتم لا كما هي في الحقيقة, والفارق بين ترجمتكم لها وتراجم الآخرين, التي عادت عليهم بالخير والحضارة... لا يكمن فيها كمفردات, بل في الوعي العربي لها ولمناخاتها وشروطها.. الوعي الذي لم يغادر بعد مضارب القبيلة والعشيرة ولا زواريب الطائفة والمذهب والملة ولا دكاكين الولاءات والانحناءات والطأطآت المذلة!‏

ترى, هل أربكتنا اللغة ومفرداتها أم أربكناها, وهل لقواميسنا اللغوية أن تفخر من بعد هذه السنين العجاف بإعادة شرح وتصويب معاني ودلالات مفردات الثورة والحرية والديمقراطية.. أم تستأصلها وتستريح ؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية