فهذا لغزٌ جميل آخر، لأن الموازنة هي بالأساس مُرهَقة بأعباء ثقيلة، والمطلوب لما دمرته الحرب ولإعادة إعمار ما خرّبته الأيادي الإرهابية الآثمة ضخم جداً، كما ويحظى جانب غير قليل منها بالتمويل بالعجز، فأيّ وفورات هي هذه التي وصلت إلى نحو نصف تريليون ليرة سورية ..؟! وكيف ..؟!
في الواقع هناك جهود مضنية جرت من خلالها لملمة هذه الوفورات من هنا وهناك للوصول إلى هذه النتيجة، جهود تعكس هواجس الدولة تجاه أبنائها الصابرين معها على غدر هذا الزمان العاطل الذي يتكالبون علينا فيه بالرصاص وبالحصار وحتى بالكلمة .. فبعض الكتّاب ( العباقرة ) من وراء الحدود راحوا يسطرون لنا مقالاتهم المرتبكة مثلهم والمضحكة فعلاً ليثبتوا لنا كم انعكست هذه الزيادة في الرواتب والأجور سلباً على حياة السوريين ..!! معهم حق أن يحنقوا ويُصابوا بمثل هذا الجنون وهذا التيه الذي لم يعودوا قادرين العثور على قرارٍ له، هي مشكلتهم .. ومشكلة سوء تقديرهم، وبإمكانهم أن يطمئنوا بأننا لن ننجرّ إلى فلكهم المسموم، ولن يكونوا قادرين على إشعارنا بما لا نشعر به.
بكل الأحوال هذه الزيادة تقول الوقائع بأنها أكثر من جيدة، وسوف تساهم بالفعل في تحسين أوضاع السوريين وأحوالهم، رضي الآخرون أم لم يرضوا، وهي من شأنها أن تُحدث تغييراً في نقطتين هامتين:
الأولى: إعطاء قوة لليرة السورية بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال زيادة التداول والقدرة الأكبر على تأمين الاحتياجات، ولا نستبعد أنها ستُحدث ارتفاعاً مرتقباً في قيمة الليرة، فالمعروف أن قوة العملة الوطنية بزيادة تداولها.
الثانية : إبعاد مئات آلاف .. بل ملايين السوريين بعد هذه الزيادة عن خط الفقر الذي كانت العديد من المنظمات الدولية تتسابق بتقاريرها المشبوهة في إطلاق نسبٍ عالية للسوريين الذين يعيشون على خط الفقر وفي الموقع الأدنى منه، والمحدد بمبلغ / 1,90 / دولار للفرد في اليوم، ويشطحون بالحسابات علينا دون أن يأخذوا بعين الاعتبار ما تقدمه الحكومة السورية لأبنائها من دعم في العديد من المجالات / الخبز والصحة والتعليم والطاقة والعديد من الخدمات / فهذا الدعم وحده يضع السوريين أصلاً أمام جدلٍ موضوعي على الأقل فيما إن كانوا يلامسون خط الفقر رغم كل ما يحصل..؟
إنها زيادة مباركة .. وجريئة فعلاً وسيكون لها أثر ملموس شديد الوضوح.