تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العرب إلى أين ؟

إضاءات
الاثنين 19-10-2009
خلف علي المفتاح

غريب أمر العرب ومبعث الغرابة هو أنه بقدر ما تتجه شعوب العالم ودوله نحو التكتل والتجمع والاندماج على الرغم من انعدام القواسم المشتركة بينها، نجد العرب على النقيض من ذلك يتجهون نحو التفكك والتناقض والتشرذم على ما بين شعوبهم من عرى مشتركة،

من لغة وتاريخ وثقافة ومصالح وإرادة مشتركة، وغيرها من عوامل، والأكثر غرابة من ذلك أن العالم شهد تحولاً عميقاً في مفاهيمه وسياساته وتمحوراته انسجاماً مع الوضع الدولي الراهن بعد انتهاء ما سمي فترة الحرب الباردة، واتجه نحو اصطفافات جديدة تتأسس على حوامل اقتصادية بدل الحوامل الإيديولوجية التي وسمت فترة الحرب الباردة وبدا العرب وكأنهم يعيشون خارج كل تلك التحولات وكما كانوا ساحات صراع ووقود حروب وضحايا صراعات في فترة الحرب الباردة ،يبدو أنهم مازالوا على نفس الوضع وبدائرة الاستهداف ذاتها لأنهم لم يحسنوا قراءة تلك التحولات ويستثمروا إمكاناتهم وجغرافيتهم السياسية وفق معطيات ومفردات الصراع الجديدة بل وسيطرت على الفكر السياسي العربي حالة انكفاء على الذات وخوف لا مبرر له، جعلت الفعالية السياسية العربية شبه مشلولة وتبحث عن رافعة سياسية لها مع غياب شبه كامل لإرادة سياسية عربية على المستوى القومي تستطيع استثمار الفرصة التاريخية التي قد لا تعوض في تمكين العرب من حجز مقعد لهم في المسرح الدولي المتشكل بعد فترة الحرب الباردة ،وعلى الرغم من أن دولاً تتشابه إلى حد ما مع البنية العربية، سياسيا واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وتاريخياً ،استطاعت أن تحقق حضوراً فاعلاً في المشهد الدولي والإقليمي وأقصد بذلك كلاً من تركيا وإيران ،الا أن السمة العامة لأغلب البلدان العربية كانت المراوحة في المكان أو الحركة الدائرية ،إن لم نقل التراجع خلفاً خطوتين والتقدم خطوة واحدة كرقصة التانغو.‏

إن أخطر ما يواجه أي نظام سياسي هو تمركزه حول ذاته وانسداد الأفق لديه وعدم قدرته على تجاوز ماضيه أو ما وضع نفسه فيه وقراءته لما يجري في العالم من تطورات والتقاط الفرص التاريخية، وكذلك عدم قدرته على تجديد مفرداته والتكيف الإيجابي والخلاّق مع ما يدور في العالم من تطورات وتبدل في مراكز القوى والتحالفات القائمة على المصالح وتبادل المنافع والأدوار، بمعنى من المعاني أن السياسة تبدو غالباً وكأنها لعبة ذكاء تحتاج إلى مهارة عالية وقدرة فائقة على التكيف الخلاق مع الواقع القائم من خلال استثماره أفضل استثمار، وذلك باللعب بأكبر عدد من الأوراق وخاصة إذا كانت تلك الأوراق بيد الغير وإلا كيف نفسر ظاهرة الحضور المميز لدول صغيرة في المشهد السياسي الدولي يقابله غياب شبه كامل لدول ذات وزن اقتصادي وبشري وجغرافي على الخارطة السياسية الدولية؟‏

لقد أدركت القيادة السياسية السورية منذ عهد القائد الخالد حافظ الأسد رياح التغيير التي بدأت تعصف بدول العالم وتكيفت مع مندرجاتها وفق مصالحها وثوابتها وفتحت آفاقاً جديدة مع دول وقوى لها وزنها وتأثيرها في المشهد الدولي الذي بدأت تتضح ملامحه وقواه الناهضة، وتعزز هذا النهج في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد الذي انطلق بما يمكن تسميته سياسة كسر الجليد مع دول لها وزنها وتأثيرها في السياسة الدولية، منطلقاً من قراءة موضوعية وتقدير دقيق لقدرة سورية وتأثيرها عربياً وإقليمياً والحاجة لدورها في حل الكثير من الأزمات التي تعاني منها المنطقة ،فكان تعزيز العلاقات مع دول الجوار الإقليمي ممثلاً بتركيا وإيران وامتد ليشمل ما جرى تسميته دول البحار الأربعة ليؤسس لتحالف إقليمي سيكون له الدور الكبير في الحراك السياسي العالمي الذي بدأت تتشكل إرهاصاته الأولى منذ ما يزيد على عامين أو أكثر بعد فشل وبداية انهيار ما جرى تسميته زوراً النظام الدولي الجديد .‏

ورب سائلٍ يسأل: لماذا تتجه سورية شمالاً وشرقاً ناقلة دائرة التأثير من المركز إلى الأطراف؟ وقد يهيأ للقارئ للوهلة الأولى مشروعية الطرح، والإجابة المنطقية عن مثل هذا التساؤل هو أن سورية نقلت الأطراف الى المركز وجعلت منها قيمة مضافة وعمقاً سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً للعرب، ما يساهم في تعزيز دورهم على الصعيد الدولي وسماع وجهة نظرهم من موقع القوة لا من موقع الضعف وهذا ما لمسناه في المحافل الدولية ولاسيما الدورة الأخيرة للأمم المتحدة خاصة أن الوضع العربي ونظامه السياسي يعيشان حالة انعدام وزن سياسي منذ الغزو الأمريكي البريطاني للعراق الذي أصاب بعض القيادات السياسية العربية بحالة غيبوبة سياسية وعمى ألوان جعلها تعتقد أن أمريكا إذا أرادت شيئاً تقول له كن فيكون .‏

إن المنطق السياسي يؤكد حقيقة إن الحضور العربي في أي ساحة سياسية ولا سيما في دول الجوار هو أمر مزعج للكيان الصهيوني ويساهم في إضعافه ونزع الأوراق الضاغطة على العرب من يديه، وبالعودة إلى الماضي القريب والبعيد يرى الملاحظ السياسي أن اكبر قوتين ضاغطتين في مسار الصراع العربي الصهيوني خارج إطار أمريكا هما إيران الشاه وتركيا ما قبل حكومة أردوغان، وها هما الآن في الخندق الآخر بل وتتحمسان للقضايا العربية أكثرمن بعض الحكومات العربية، ولا شك أن هذا التحول المهم لم يأتِ من فراغ بل كان نتيجة جهد استراتيجي وإرادة سياسية مشتركة من حكومات تلك الدول وسورية. khalaf-almuftah@hotmail.com

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 19/10/2009 01:38

أهوى الكلام الواقعي المباشر, وأسعى لاستنتاج الحقيقة كماهي ماأمكن حتى لو كانت قاسية علي, والواقع والحقيقة في هذا الموضوع الذي يطرحه الكاتب يقولان أن النظام العربي الرسمي عوّد شعوبه على التلقي المباشر منه , فلا تر الشعوب إلا ماتراه أنظمتها لها, واليوم مع التدخل الأمريكي المباشر, صارت أمريكا تأمر النظام العربي الرسمي أن يتعود على التلقي المباشر منها, فلا ير غير ماتراه أمريكا له. منطقيا هذا وذاك لاينسجمان ولايستويان معا ,فلا يمكن الإستمرار بهما على طول المدى, فالشعب وتدريجيا لن يقبل طويلا أن يقول له نظامه أنه لايريد كذا وكذا لكن أمريكا تأمره بذلك ولابد من الإستجابة, كما أن النظام العربي الرسمي لايمكنه استمرار التلقي من أمريكا والتنفيذ دوما وهو يرى أن هذا سيقوده لسقوط ورقة التوت. ونهاية هذا المدى الأليم إما تحرر النظام العربي الرسمي, وإما تحرر الشعوب العربية, والأول أقل إيلاما من الثاني, واعتقادي ان أنظمة العرب عليها البدء أولا ولو بأسهل الأمور وأهون الشرور بالعهد حسما بألا قطيعة فيما بينها, ثم الحج لأمريكا بقدم واحدة وصوت واحد ورأي واحد.

الشيخ عبد القادر الخضر  |  abd_k@scs-net.org | 19/10/2009 17:55

العرب الى أين يجب تحديد من هم العرب إن كان المقصود أنظمة فهم خارج التاريخ مع الأسف ؟؟؟ أسأل ببساطة كيف رئيس عربي يساهم في ضرب شعبه !!! وذاك يستمهل العقوبات لعدو شعبه اللدود !!! أما ذاك فقد سام جيرانه أهل غزة مر الحصار وخلاهم عن طريق الأنفاق يحصلون على مايقيم أودهم !!! يا حسافة على من قال جارنا من اليهود عزيز وجارنا من أهل غزة ذليل !!!!! وذاك يقال أنه رئيس الجامعة العربية تناقش قضايا أمته ويقعد مثل الأطرش بالزفة وينتخي أعجمي تركي ( ويغضب على رئيس الكيان اليهودي وينتصر لضحايا غزة ويوبخه ويمن عليه ويذكره بإحسان العرب والمسلمين لليهود حينما أهدرت دمائهم في اسبانيا وعامة أوربا ويغادر الاجتماع ورئيس الجامعة يقوم ليفسح له الطريق بالخروج !!!! ) ( الموت ولا منيع لأخو طكعة !!!!؟؟ ) ريت الصرارة ايدها انشلت!!! والمبشرة والمهلهلة بالخرس ؟؟؟ بميلاد هذا المسؤول وأمثاله 0 الرعية من الراعي فهان الراعي والرعية وضاعت الهيبة ولحقتها القضية !!!؟؟؟ أما إن كان السؤال العرب الى أين نسبة الى الشعوب العربية فالخير والكرامة قادمة فكانت معارك المقاومة الإسلامية في لبنان قد سطرت انتصارات عجزت عنها جيوش العرب الجرارة وبنوكهم المليانة وقواتهم النخبة والخاصة لأن المقاومة من الشعوب العربية !!!! ألا لانامت عيون الجبناء ؟؟؟ إذا قام العرب مصدرين النفط لمدة شهر واحد وقالوا لايقبض سعر النفط بالدولار بل يقبض بالليرة السورية أو التركية أو الريال أو الدرهم فما يكون حال الاقتصاد العالمي كله وما موقف العالم كله من قضية العرب الأولى فلسطين ورب العزة سنرى الأوربيين على أبواب سفاراتنا يستجدون صداقتنا والاهتمام بقضيتنا فترى إعلامهم وساستهم ومراكز بحوثهم تفند وتنظر لقضيتنا وترى عصابات يهود تفتش على جحر لتختبئ فيه من الأوربيين قبل العرب والمسلمين نريد ياعرب شهر واحد يسعر النفط بغير الدولار كثير على القضية وأهلها أصلا لولا القضية سعر برميل النفط قروش وملاليم 0 عيب وعار على أمة جزء منها محاصر بأبناء جلدتها ويحافظ على حدود العدو وأمنه بالقوات النخبة لدول جوار إسرائيل العرب كشعوب الى سلم الحضارة والريادة وكأنظمة حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم 0 Abd_k@scs-net.org

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 20/10/2009 12:24

الأستاذ / خلف المفتاح ، تحية وبعد : العرب إلى أين ؟ وبهذا أقول : 1 - كثيرة هي الأمم التي تملك استراتيجيات وتعمل على تنفيذها ، أمّا العرب فيفتقرون لتلك الرؤى والاستراتيجيات ؛ 2 - المشكلة الثانية التي يعاني منها العرب هي عملهم بردود الأفعال ، وغياب الأفعال عندهم ؛ 3 - والمشكلة الثالثة التي تقضّ مضجع العرب هو غياب ثقافة إدارة الاختلافات بتبصّر وحكمة ، بل تعاملهم في حال الاختلاف بعقلية الثأر القبلي الجاهلي ! 4 - والمشكلة الرابعة المزمنة لدى العرب هي (عدم الثقة) بين القيادات وربّما الشعوب ، وقد يتحالف الشقيق مع الشيطان على حساب شقيقه العربي . 5 - العرب أقوياء ولكنّ المشكلة أنّهم لا يملكون الشجاعة لاستخدام مكامن القوة عندهم أو أنّهم لا يعرفون تلك المكامن !

وفيق عدس بحامض ، الضيعة |  جينات وراثية | 23/10/2009 05:35

اختصارا يا اخ خلف هو ان العرب ما زالوا في طور التخلف في جميع اشكاله بما فيها التخلف العقلي المتوارث منذ مئات السنين والذي يحد من التطور والتفكير ومعرفة الصحيح من الخطأ . لقد كان نجاح العرب بعيد ظهور الاسلام طفرة زمنية محدودة لاناس ما زالوا يعيشون على طرق بدائية لم يستطيعوا من خلالها تجاوز الاندلس وبلاد الاناضول ،اي انهم حكموا الشعوب الضعيفة والمغلوب على امرها (بلاد الشام - العراق - شمال افريقيا) واما الان وقد تخلف العرب عن الاسلام واصبح تجارة بالنسبة لهم ، فان القائمة لن تقوم حتى يستعيدوا هذا العنصر الناجح ، انظر الى الحضارات الموجودة في بلادنا فاغلبيتها 90 بالمائة ما عدا( المصرية) تم بنائها من قبل الغزاة الاوربيين ، بحيث ما زلنا نتبع هذا الاسلوب الى وقتنا هذا فالمستورد هو السائد والجيد . انها عقلية لا احد يستطيع تغييرها للاسف .واعود واقول بانها عقلية غير قابلة للتجديد والتحديث وانما عقلية تعشق التقليد السهل والرخيص ، اذا كانت الصحراء تعلم الخيانة فالنصعد ونسكن الجبال .

وفيق عدس بحامض ، الضيعة |  فما نامت اعين الجبناء | 24/10/2009 17:07

شكرا للشيخ عبد القادر على هذا الكلام المختصر والمعبر جدا ، لقد درج البعض بمن فيهم بعض المعلقين الجبناء على تسمية اسرائيل وقادتها بـ (الصهاينة) حفاظا على شعورهم .. وخوفاً ؟. ولكن ما هم هؤلاء الصهاينة .. إلا ( يهود ) كما ذكرت يا شيخنا القادر .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11368
القراءات: 1093
القراءات: 842
القراءات: 996
القراءات: 873
القراءات: 939
القراءات: 954
القراءات: 911
القراءات: 983
القراءات: 932
القراءات: 968
القراءات: 910
القراءات: 937
القراءات: 975
القراءات: 1029
القراءات: 991
القراءات: 1088
القراءات: 1066
القراءات: 988
القراءات: 1052
القراءات: 992
القراءات: 1019
القراءات: 1043
القراءات: 1078
القراءات: 1315
القراءات: 1231

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية