تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لحظات جمر هاربة ..!

من داخل الهامش
الخميس 01-10-2009م
علي قاسم

في لغة الرحيل تتعطل المفردات وتتوه الأحرف عن معانيها،وكأن ما يصح في الأمس لا يجوز أن يكون صحيحا اليوم، وما كان حركة وحضورا.. صخبا واجتهادا.. قبولا ورفضا، بالكاد نلمس له أثرا، أو بقية من أثر.

في موقف بسيط ومعبر تتكثف الكثير من الأفكار في الرثاء والتأبين لتقول ما لا يستطيع العقل أن ينتجه على مدى سنوات صاخبة كاد أن يملها العمر، وفي أحيان أخرى كأن الإبداع الكامن خلفها هو ذاته الذي يتحين فرصة الحضور، فتأتي ترجمة أمينة ومتقنة لتلك السنوات.‏

في رثاء القامات الإبداعية الكبرى تتحول الكلمات في الغالب إلى لحظات جمر تتقاذف بعضها، وأحيانا تكون لغة للتكفير عن الكثير من الخطايا التي لم يتح العمر فرصة للبوح بها، وها هي لحظة التأبين الفرصة المنتظرة.‏

والسؤال هل أتقنا كل هذه الطقوس وفشلنا في البقية الباقية التي نحتاجها دائما لتكون الممر الإجباري لتعويض ما فات، ولاستدراك ما ذهب؟!‏

ليست القضية في الأحجيات المتعددة التي نقدمها لتبرير تقصير هنا، بل غالبا في فراغ هائل ينتصب متحديا أن يكون هناك من يجرؤ على التفكير بأن البديل القادر على سد فجوة الغياب، لن يتأخر كثيرا، أو على الأقل لن يكون هناك ملمح من ملامح العجز التي ستحول دون ذلك.‏

لم يكن التمرد السمة الوحيدة التي جعلت من الراحل علي جندي رقما ومساحة وحضورا واتساعا، لكنه ربما كان الصيغة التي اتفق الكثيرون على الركون إليها لتبرير ما لا يقدر أحد على تبريره، ولم تكن غربة الرحيل التي تطوف الأرجاء بعد غيابه مجرد حالة من الاحتجاج على الكثير من التفاصيل الغامضة في لحظة الحضور، وإنما أيضا محاولة للتذرع بها كي لانكون مرة أخرى أمام الأسئلة المستحيلة التي يتركها رحيلهم، وصمتهم الأبدي.‏

من المفجع أن يتكرر المشهد، وأن يكون الملمح ذاته نعيش لحظات رثاء تليها أخرى للتأبين ونقفل راجعين إلى حيث كنا، وإلى حيث كان الصخب قائما وممتدا دون أفق أو نهاية، حيث الصمت يرسم ملامح المكان فيما الزمان نترك حوله ألف إشارة استفهام دون أن يثير فينا الريبة والشك في جدوى ما نحن فيه!! .‏

a-k-67@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7094
القراءات: 1014
القراءات: 1172
القراءات: 958
القراءات: 959
القراءات: 946
القراءات: 1077
القراءات: 909
القراءات: 847
القراءات: 945
القراءات: 993
القراءات: 878
القراءات: 817
القراءات: 867
القراءات: 1071
القراءات: 950
القراءات: 768
القراءات: 957
القراءات: 979
القراءات: 1039
القراءات: 994
القراءات: 872
القراءات: 1042
القراءات: 951
القراءات: 1082

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية