وأدّى إلى انخفاضه بعد أن ازدادت نسبة التضخّم لتفوق حدود الثلاثين بالمئة، وكان هذا واضحاً من خلال ما شهدته السوق السورية من ارتفاعات حادّة في أسعار السلع والمواد والاحتياجات.
أمام هذه الصورة القاتمة الممزوجة بالقلق لم نتردد بأن طلبنا في الأسبوع الماضي من السيد حاكم مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف، الاستقالة من خلال حثهما على الكف عن المخاطرة إن لم يكونا قادرين على التصدّي وتغيير المشهد والقدرة على فرملة صعود الدولار أمام الليرة، لإفساح المجال أمام من يجيد التصدي وتغيير المشهد، مشيرين إلى أنَّ الأمر ليس عيباً ولا تُهمة.. فالمخاطر جسيمة.
ولكننا أشرنا أيضاً إلى أنه لا يزال بإمكاننا المجازفة بالتوقع بأن مصرف سورية المركزي قادر على أن يفعل الكثير مع مجلس النقد والتسليف، ومجمل الفاعلين في مجال السياسة النقدية، وذلك على الأقل استناداً إلى تصريحات الحاكم المتعاقبة والتي كانت مثيرة للاطمئنان، وإن كان هذا الاطمئنان مضمون عند الحاكم بالفعل فنحن إذن أمام لغز كبير سببه تلك الهوّة السحيقة بين ما تُشير إليه تصريحات حاكم المصرف المركزي، وبين ما نراه فعلياً على الأرض وتُشير إليه بشكلٍ معاكس التغيرات المدهشة لأسعار الصرف.
ولكننا استدركنا ( في زاوية كانت بعنوان : بحرُ الصرف المتلاط ..! ) بأن حاكم المصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف، إن كانوا يدّخرون قراراتهم وتحركاتهم المؤثرة على السوق وسعر الصرف إلى أجل معين .. فهذا شيء رائع سنبقى بانتظاره مُكللين بالأمل والتفاؤل حتى وإن حلّقَ هذا السعر بارتفاعاته أكثر فأكثر.
وكان الأمر كذلك فعلاً، فالحاكم والمجلس يبدو أنهما كانا يدّخران قراراتهما إلى الوقت الأنسب – ربما – للتدخّل، فخلال الأسبوع الماضي قُلِبَتْ المفاهيم والمعايير، وتقهقر الدولار من طرقه لأبواب المئة ليرة إلى ( 91,5 ) و ( 92 ) ليرة فقط محققاً بذلك انخفاضاً فاق الست ليرات سورية، وهذا ما طمأننا بالفعل وطمأن الناس المُترقّبة بأن مصرف سورية المركزي قد بدأ يتدخّل بقوة ويغيّر مسار الصورة، ولذلك فإننا نتراجع عن مقترحنا السابق بدعوة الحاكم ومجلصس النقد والتسليف للاستقالة ونعتبرها دعوة مسحوبة، غير أننا سنبقى بانتظار المزيد من القرارات التي من شأنها وضع الدولار عند حدّه، وإعطاؤه حجمه الطبيعي بعد التمكّن من إنهاء حالة التورّم التي يشهدها مُعتقداً أنها حالة صحية ..!!