تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل تبحثون عن السرّ...؟

آراء
الخميس 4-7-2013
 ديب علي حسن

لأنها نسغ الدهر ووجوده، لأنها الحضارة والتاريخ والعبق والإنسان منها كان وعلى قاسيونها عرف المعنى الأول للخلود، ومن زرقة شواطئها كان الحرف، وكان الأرجوان، سورية البدء والتكوين، سفر الخلود، والوطن الأول لكل إنسان، سورية العالية بشموخ أبنائها، وروعة إنجازاتها...

ماالذي تراهم يعدون لها اليوم بعد الذي أعدّوه وأخرجوه وتففنوا به.. بأدوات فتكهم وقتلهم وإجرامهم.. من بدء الدهر إلى أزله كانت ومازالت وستبقى في عين العاصفة.. حاول الغزاة اجتياحها جاءها المتوحشون من كل حدب وصوب قوافل قوافل، قطعاناً وزرافات ووحداناً والكثيرون منهم كان حتفهم على جدران وجودها، وعلو قامتها، وكثيرون انكسروا وعادوا خائبين، وبعض من كان في قلبه شيء من الإنسانية ظل هنا على أرضها طهره قدسها ومجدها وأعطاه بعداً إنسانياً جديداً، قتل الوحش الكاسر في برديه وولد إنساناً حضارياً (تدمشق) (تسورن) (تحضر) سمّ الأمر كما شئت، نعم هنا عاد إنساناً سوياً، هل نذكركم أنه في الطريق إلى دمشق اهتدى رسل وأنبياء وهل نبالغ إذا قلنا إنها عمود السماء وزرقته، وإنها جبالها- سورية- مداميك الأرض...؟!‏

ما في جعبة الحوادث لم ولن ينتهي أبدأ، كلما فرغوا من حيلة أو خطة جددوا أدواتهم وأخرجوا الجديد من كبائرهم كبائر لم تضع هنا في دوائر خبث البداوة العربية القاحلة، لابل مولها هؤلاء الأعراب معاهد ومراكز دراسات استراتيجية عالمية، علماء نفس وتربية اجتماع وخبراء عسكريون ومافي القائمة من معنيين كلهم اشتركوا في صوغ ما نراه وسنراه على أرض الواقع... ألم يكن لافتاً في بداية الأمر أن يظل الرئيس الأميركي ( أوباما) كلما تحدث يأتي على ذكر سورية، لم يعمل من ذلك أبداً، أوكل الأمر إلى وزيرة خارجيته في إدراته الأولى فيما بعد.. ثم إلى ماكين في إدارته الثانية، ومن أوباما مروراً بساركوزي والحمدين وهولاند وأردوغان والهزاز.. وو.. الكل مشغول بالشأن السوري، لقاءات وقمم ومؤتمرات.. من الشرق إلى الغرب، من الشمال إلى الجنوب العالم كلّه معني بالشأن السوري كما يقول ويدّعي، وكل هذا إلا من عصم ربك يدعى كذباً وبهتاناً، ومايقوم به ليس إلا هراء وعملاً ديماغوجياً.. ليست الغاية منه إيجاد حلول أبداً، فالحل سهل وهين وهو على مرأى الجميع ممّن يدعون صداقة سورية دعوا سورية للسوريين، دعوهم يقرروا مصيرهم بأنفسهم، يختارون من يريدون.. اتركوا تمويل المجموعات المسلحة، اقطعوا نسغكم عنهم ولسوف ترون أن الأمر أسهل ممّا تقولون وتدّعون.. أنتم تضرمون النار في حقول ليست بعيدة عن تخومكم، وها قد لامست جنوبكم وسيمتد لهيبها إليكم أينما كنتم لأن الذين رضعوا خبث خططكم عائدون إليكم.‏

الاجتماعات واللقاءات العالمية ولاسيما أولئك الذين يدعون أنهم (أصدقاء سورية) ليست هذه الاجتماعات إلا لضخّ المزيد من الخطط والعمل على تصعيد الأوضاع وتوتيرها والجانب الأهم في هذا كلّه هو البحث عن سرّ شموخ سورية، جيشاً، شعباً، قيادة، حضارة، وجوداً، رسالة.. السرّ الذي يبحثون عنه مهما صالوا وجالوا فلن يقعوا على كنهه ولن يعرفوا أسراره الدقيقة، لأنهم ليسوا من نبضه، ولا من دفق حيويته، ليسوا مجبولين من طينة الشعب الذي تصهره الخطوب فيزداد ألقاً وأمانة ومشرقاً وعطاءً..‏

لهؤلاء الباحثين عن أسرار هذا الصمود، لعلماء الاجتماع والتربية والنفس لكل الأدعياء لقطة واحدة أقدمها وما أكثر مثيلاتها كل يوم وكل ساعة يوم الجمعة الماضي وأثناء قدومي إلى العمل ثمة جندي بعنفوان قاسيون يقف حارساً تخوم الوطن أشار إليّ أن أتوقف فعلت ذلك مددت يدي إلى بطاقتي الشخصية.. فابتسم قائلاً: لا أريدها نعرفك أنت تمر من هنا دائماً.. نعم أبادره بالسؤال هذا الكيس الذي سقط من السيارة.. ويأتي جوابه لهذا أريدك أن تسرع وتلحق بها لتعرف الناس في هذه الأيام وأحوالها.. حرام.. نظرت إليه وعيناه تشعان أملاً ووفاء.. نعم سأفعل لكن ربما لا أستطيع اللحاق به.. فرد قائلاً إذا لم تلحق به سأتركه هنا لليوم التالي وزملائي يعطونه إياه.. حقيقة حاولت أن ألحق به.. لكني لم أفلح بذلك..‏

هذا جندي برتبة مواطن شرف، هذا من صان أرضي وترابي ومنزلي هذا إذا لم يتعطر الحبر بعرقه بوفائه فلا قيمة لأي إبداع مهما كان وسيبقى حبراً على ورق.. أنتم السرّ أيها الأبطال.. أيها السوريون أينما كنتم آباء ،أمهات، مدنيين، عسكريين،، في إنسانيتكم، شموخكم السرّ، وهذا منذ بدء الدهر كان وسيبقى الغزاة أبد الدهر يحاولون فك اللغز.. لغز الإنسان السوري ولن يفلحوا.. عرقكم، عطاؤكم، وفاؤكم، دماؤكم تعيد توازن الإنسانية وتعطي الدهر معناه ومبناه.‏

d.hasan09@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 652
القراءات: 653
القراءات: 679
القراءات: 572
القراءات: 592
القراءات: 667
القراءات: 713
القراءات: 684
القراءات: 556
القراءات: 759
القراءات: 644
القراءات: 633
القراءات: 618
القراءات: 640
القراءات: 625
القراءات: 576
القراءات: 696
القراءات: 600
القراءات: 667
القراءات: 642
القراءات: 706
القراءات: 676
القراءات: 697
القراءات: 616
القراءات: 665

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية