فما يصدر من تصريحات عن مسؤولين غربيين إزاء سورية في هذه المرحلة مثال صارخ على هذه الحالة المرضية الغربية التي بدأت تأخذ ابعاداً سياسية واقتصادية عدوانية في ظل غياب القدرة على تنفيذ الطموحات الاستعمارية الجديدة ورفض الدول المستهدفة ومنها سورية لرغبات المستعمرين الجدد الذين يريدون إعادة أمجادهم بأثمان بخسة.
والمستغرب في طريقة تعاطي بعض الدول الغربية مع الأحداث في سورية تلك اللغة الخشبية والفوقية البعيدة كل البعد عن أخلاقيات وضوابط التعامل بين شعوب الدول الأمر الذي يفضح مزاعم أصحابها بالسعي الى تعميم مبادئ الديمقراطية والحرية التي لا يمكن تجزئتها سواء من حيث التفكير أم التطبيق.
فهذا الغرب الذي غلبت فيه المادة على كل شيء واطاحت بالقيم الديمقراطية وغيرها يريد ان يستعيد سطوته ويعمم مفاهيمه التي تحقق له ذلك مستغلاً الظروف التي تمرّ بها المنطقة وتمثل فرنسا وبريطانيا رأس الحربة على اكثر من صعيد ويعبّر بعض مسؤوليها عن حالة انفصام بين عرض الموقف المراد تمريره والأهداف المبطنة المبتغاة ما يعكس الفارق بين ما هو مرغوب تحقيقه وبين امكانيات الوصول الى هذه الرغبة ولذلك نرى تلك المحاولات الفرنسية البريطانية اليائسة لاستغلال الاحداث في سورية وممارسة الضغوط وشتى اشكال الحملات السياسية والاعلامية أملاً بتسخير المؤسسات الدولية التي وجدت للحفاظ على الامن والاستقرار في العالم لزعزعة هذا الاستقرار في المنطقة عموماً وسورية خاصة.
ويظهر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في هذا المشهد كمصارع أيقن بخسارته وفقد السيطرة على عضلاته وعقله وأخذ يتصرف كالبهلوان منتظراً حكم المباراة لإنهاء الجولة والمباراة ويمثل تعليقه على خطاب السيد الرئيس بشار الأسد فور خروجه من اجتماع ودون أن يطلع على مضمون الخطاب مثالاً صارخاً على تورطه وبلاده في مخططات زعزعة استقرار سورية أملاً بتحقيق أوهام في مخيلته ستبقى أوهاماً.
المشكلة التي يعاني منها «جوبيه» وغيره أن الأوهام تحركهم ويتجاهلون الاستفادة من دروس أسلافهم في التعاطي مع سورية وكان الأجدى بجوبيه وأمثاله أن يعيدوا قراءة تجربة شيراك مع سورية قبل سنوات ليأخذوا العبر والدروس بدلاً من خوض التجربة وملاقاة نفس المصير والفشل.
إن القافلة السورية مستمرة بالسير من آلاف السنين وهزمت كل محاولات إيقافها.. واليوم تسير بنفس الوقود والعزيمة ولن تنال من اصرارها أوهام الطامعين وقريباً ستقطع المنحدر وتقطع من يعرقل مسيرة «سورية المستقبل».