حيث اشتراطات الحضور أظهرت أن الوصول بالمؤتمر إلى نتائج فاعلة، ليست أولوية لكل المؤتمرين، بل إن إفشاله كان ومازال الأولوية الأولى لعديد من المشاركين! لاحظ مثلاً محاولة عدد من الحضور قراءة نتائج المؤتمر بصوت عالٍ يعود به إلى ماقبل انعقاده وماقبل الفكرة منه أصلاً!.
مامن شك أن المؤتمر حقق نتائج مهمة ولاسيما على صعيد تحديد أدق للأزمة وأطرافها وتعقيداتها. هو ليس تحديداً بقدر كونه اعترافاً بما لم يكن أحد ليجهله حول تشعبات الأزمة ودور المتدخلين فيها.
لم يضع مؤتمر جنيف خارطة طريق واضحة الآليات، وبالتالي لم يحظ بالقبول الكامل من أي من أطراف الأزمة، ولا بالرفض الكامل، باستثناء مانسب ل «الجيش الحر» ولبرهان غليون. لكنه مع ذلك يصح أن يشكل خط بداية يجري بعده المتسابقون إلى خط آخر لبداية أخرى. يجرون وكل منهم يحمل أدواته، اليوم مؤتمر للمعارضة، وغداً مؤتمر ل «أصدقاء سورية» في باريس، وبعدها ربما تحرك آخر في مجلس الأمن، والغاية الوصول إلى خط آخر لبداية أخرى لتحرك جديد. الحكومة بسورية مارست مايشبه الصمت، مشعرة من يتابع أنها أميل للقبول، ولعلها تعتمد على رفض المعارضة، ولاسيما إن فشلت جامعة الدول العربية في توحيدها -ولو جزئياً- وهو المرجح.
هكذا يكون كل اللاعبين تركوا الدق على الطاولة! وتعود القوى غير المتفاهمة لممارسة اللعبة بالأدوات ذاتها وضمنها العنف.
لا يبدو حتى اليوم اللاعبون على الساحة السورية مجمعين بجدية على رفض العنف، رغم أن مؤتمر جنيف قدم رؤيته بأن العنف هو العنف كائناً من يكون ممارسه، ودائماً مرفوض، والتخلي عنه وسحب السلاح يجب أن يتم بشكل متزامن، ولعلها المرة الأولى التي توزع فيها مسؤولية العنف وصولاً إلى الدول التي تدعمه.
تعبير «فشل المؤتمر» تعبير ثقيل وغير دقيق، لكن هل أوجد المؤتمر حلاً؟ نقول لا ولاحتى رسم خريطة طريق كما أسلفنا! إذن كيف لم يفشل؟.
أقول نجح بحدود طاقته، مؤتمر كهذا، تلك هي النتائج الممكنة المتوقعة منه، ونصيبه في الوصول إلى نتائج مرضية مرتبط حكماً بالشغل عليه كسبيل وحيد أداته الرئيسية مهمة كوفي أنان، أما المؤتمرات الأخرى أحادية الاتجاه، فهي مؤتمرات لدعم المعارضة وليست للحل، كما يعلن أصحابها، وبالتالي هي متجاوزة على جنيف تشده إلى الوراء كل ذلك يشعر أن القضية غير ناضجة للحل بعد! لماذا؟
لأنها قضية السوريين، كل السوريين، ولم يستيقظوا بعد؟!.
As.abboud@gmail.com