لكن ليعذرني هؤلاء فحين نرى في دمشق هذا الأسبوع فقط نحو: سبعة عشر معرضا تضم قرابة ستمائة عمل تشكيلي لأكثر من سبعين فنانا, بالمقابل لا يتابع أمسية قصصية سوى بضع أشخاص, ولم يبع من ديوان محمود درويش الأخير في دمشق أكثر من خمسين نسخة, في حين يصل سعر اللوحة إلى نحو مليون ليرة, فهذا يعني أن الحاضر الأقوى في المشهد الثقافي هو التشكيل مع تحاشي الدخول في باب معيارية الأفضل.
يقول لي أحد زوار معرض إحياء ذاكرة الفن التشكيلي السوري المقام حاليا في المتحف الوطني بأنه يزور المعرض للمرة الثانية وسيعود أكثر من مرة لاحقا, فهذا شيء يثلج الصدر, لكني سألته مستدركا إن كان اختصاصه يجاور احد الفنون التشكيلية إلا أنه قال بأنه مدرس علوم طبيعية وهو مجرد هاوي مشاهدة لوحات تشكيلية مؤكدا بأنها هواية وهذا حظه منها, وليست بقصد الشراء, وحين سألته عن مصدر هذه الهواية قال بأنها من قراءة الصحف ومشاهدة المعارض في التلفزيون!
بالتأكيد ليس هذا معيارا لكنه مؤشر إيجابي لصالح تداول الفنون التشكيلية الأمر الذي يحتاج إلى تواصل بين صالات العرض وبين الإعلام بحيث لا يكتفي بإرسال بطاقة دعوة لحضور الافتتاح, إنما البحث عن آليات تواصل أكثر قدرة في تداول هذه الفنون, كأن تصدر أدلة للمعارض وصور للوحات يمكن اقتناؤها, فإن لم يكن بالإمكان شراء لوحة فعلى الأقل صورتها.