كانت السيارة من ماركة فورد التي يلقبها السائقون (فورد أبو دعسة), و كانت تعمل على البنزين ثم حولت لتعمل على الديزل, و ازيلت الراصورات التي تريح الراكب منها و وضعت مكانها مقصات حديدية جعلتها اقوى من التراكتور و ابطأ منه سرعة.
و كان تصنيفها لدى دوائر النقل سائحة عمومية ذات خمسة مقاعد , و لكن سائقها كان قد تفاهم مع اهل القرية على انه سيقوم بنقلة واحدة في اليوم , يحمل فيها كل الركاب الذين لهم عمل في معرتمصرين , مهما بلغ عددهم , في الصباح الباكر , و يجلس هو في مقهى الشايب حتى آذان الظهر , و وقتها ينبغي على الركاب أنفسهم ان يتواجدوا في السيارة ليعود بهم الى القرية , و ا ما من يريد ان يسافر في غير هذا التوقيت فعليه ان يدفع اجرة نقلة خاصة على حسابه.
و لم يكن اهالي منطقتنا يعرفون شرطي السير , و ذات يوم فوجئ السائق بدورية مؤلفة من شرطيين يقفان بجانب الطريق , أوقفاه , و طلبامنه ان ينزل الركاب من السيارة ,ففعل , و لدى احصاء عدد الركاب تبين انهم ستة عشر راكباً, فصفر عنصر الدورية طويلا و قال احدهما للسائق :
إذا شرحت لنا كيف استطعت ان (تطبق )ستة عشر راكبا ضمن هذه السيارة التي تتسع لخمسة ركاب سنعفيك من المخالفة!
انفرجت اسارير السائق و قال لعنصري الدورية : هذه بسيطة.
و قال للركاب : كل واحد لمحله شباب!
و بسرعة البرق تعمشق الركاب بالسيارة .
إنني في الحقيقة لست ضد العقوبات الصارمة التي تتضمنها مواد قانون السير الجديد , و التي تصل الى حدود السجن و الحجز و سحب الرخصة و دفع غرامات مالية كبيرة.. و لكن ما اعرفه من خلال المعايشة الطويلة ان الحالة المرورية في بلادنا لم تتطور كثيرا عن الحالة الفوضوية التي ذكرناها من خلال قصة السيارة الحربنوشية , و كل ما اخشاه ان يؤدي القانون المذكور الى زيادة غلة الدوريات المكلفة بتطيبقه, فقط , لا غير!
medras@scs-net.org