تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين قمتين.. وهاوية

الافتتاحيــة
الخميس 28-3-2013
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

يصعب على المنطق أن يقبل المقارنة، وقد يكون تجنياً على التاريخ والواقع أن يجريها أحد حتى لو كان من باب المصادفة، لكن يصعب على أي عربي أن يتجاهل ذلك حتى في إطار التمني، أو أن يتغاضى عما بعدها دون الغوص في تفاصيل المشهد ببعديه الإقليمي والدولي.

قمة بريكس وقمة الدوحة في التسمية كلتاهما قمة، الأولى أخذت أحرف أسماء دولها التي رجحت كفتها في الميزان الدولي، والثانية أخذت اسم من صادرت إرادة جامعتها وتاريخها وخرقت ميثاقها، لكن الفارق أن بريكس لا يوجد فيها ملوك ولا أمراء .. لا مشيخات نفط ولا إمارات غاز، والفارق أيضاً أن بريكس تبحث عن مصالح شعوبها وقرارها ينبع من إرادة هذه الشعوب، بل تتطلع إلى المساهمة بفاعلية في إعادة التوازن إلى مشهد العلاقات الدولية وقد خطت خطوات جادة باتجاه عقلنته.‏

فيما قمة الدوحة تمثل مصالح الغرب وتترجم أطماعه، ولا علاقة لشعوبها بالقرارات التي تصدر، وفي أغلبها ضد إرادة هذه الشعوب، بل تناقض تطلعاتها، وتحرض على المزيد من القتل والدمار والخراب والفقر والتجويع، لا دور لها في المشهد الدولي إلا كتابع يدور في فلك الغرب الاستعماري، وفي أفضل الحالات أدوات تخوض حروبه بالوكالة حسب الطلب ووفق الحاجة.‏

في بريكس سمعنا ونسمع كلاماً عن العلاقات الدولية والمبادئ والمواثيق والأعراف والأصول في التعامل، واحترام سيادة الدول والدفاع عن الحقوق المشروعة.. ورفض للإرهاب ودعوات لمواجهته وإيجاد الآليات اللازمة لمحاربته على المستوى الدولي، وفي الدوحة، سمعنا كل ما يمس سيادة الدول ورأينا الانتهاك الفاضح للمواثيق والأعراف، ولمسنا سوابق غير معهودة في التاريخ الدبلوماسي والسياسي، ووجدنا إصراراً على التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتورطاً في دعم الإرهاب وتسليح الإرهابيين!!‏

في بريكس، كانت روح الشرق وتعابير الشرق ولغة الشرق بلمستها الإنسانية، والنزوع نحو السلام والاستقرار والبحث عن سبل التعاون بين الدول والشعوب على أساس من المساواة والاحترام، والتطلع نحو إرساء عوامل الاستقرار والأمان في العالم كله، كانت فيها دول مسؤولة لها تاريخها ومساهماتها، وتعرف ما تتطلبه هذه المسؤولية وماذا تعني وما تستوجبه من إجراءات، وما تقتضيه من طروحات.‏

وفي الدوحة، كانت روح الغرب ومصطلحات الغرب ومفردات الغرب برائحة أطماعه الاستعمارية والسعي المحموم لتأجيج الصراعات والنزاعات، وإشعال الحروب وخلق عوامل الموت والدمار في منطقتنا كي ينعم الغرب وربيبته إسرائيل بالازدهار، فكانت أشباه دول مسلوبة الإرادة والقرار.. أغلبها لا يعرف من التاريخ ولا السيادة إلا ما كتبته حقول النفط والغاز، أو ما جاءت به أوامر العمليات، ولا تعنيها المسؤوليات ولا التداعيات ولا فيما تحمله مغامراتها السياسية في دعم الإرهاب وتوطينه وتهجينه، ومقامراتها في تسليح الإرهابيين، من تشظيات ستشطر العالم، كما مزقت وتمزق الأمة وتهدد المنطقة!!‏

ما يفصل بين القمتين أبعد من مساحات الجغرافيا ومواقيت التاريخ، وما يبعد بينهما أكثر من لائحة الفوارق التي تتسع لمزيد من الإضافات التي لا تقف عند حد، وما يفرق بينهما يمتد عميقاً في جذر المجابهة القائمة على امتداد خطوط التماس المتشكلة في كل الاتجاهات، ويتموضع بين فواصل التاريخ بجوانبه السياسية والفكرية والأخلاقية والقانونية حتى العقائدية.‏

لا مجال للمقارنة، لأن ما يترتب على قمة الدوحة يحفر خنادق، ويرفع سواتر وعوازل، سيكون من الصعب التكهن بنتائجها، أو الإحاطة بانعكاساتها.. وحدها قمة بريكس قد تفرمل بعضاً من انزلاقات خطيرة حصلت في الماضي وتحصل اليوم بشكل فاقع وغير مسبوق، وتحول دون الاستمرار في الصعود نحو حافة الهاوية، رغم صعوبة المهمة.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7018
القراءات: 942
القراءات: 1092
القراءات: 886
القراءات: 890
القراءات: 870
القراءات: 997
القراءات: 843
القراءات: 776
القراءات: 872
القراءات: 921
القراءات: 809
القراءات: 747
القراءات: 804
القراءات: 1002
القراءات: 882
القراءات: 696
القراءات: 887
القراءات: 910
القراءات: 970
القراءات: 916
القراءات: 797
القراءات: 970
القراءات: 886
القراءات: 1011

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية