| الاقتراض... الديون.. المديونية الافتتاحية ولا سيما بعد حل مشكلة ديون الاتحاد السوفييتي التي ورثتها بشكل طبيعي جمهورية روسيا الاتحادية، وأشار المهندس عطري إلى أن مصارف عالمية وبيوتات مالية أعلنت عن استعدادها لإقراض سورية نظراً لتوازن وضعها من ناحية الدين الخارجي الذي يكاد يكون سُوي بالكامل.. وظهر من الحديث أننا نتريث قبل أن نقترض.. التريث ضرورة.. والاقتراض مشروط بالتأكيد... لكن.. لا التريث الضروري ولا الشروط الصحيحة على عملية الاقتراض يعني إبعاد التفكير فيه.. الاقتراض بالمحصلة هو مال يوضع تحت تصرف الجهة المقترضة لتوظفه بالشكل الذي يناسبها وبما يضمن جدوى هذا التوظيف.. وبالتالي هو استثمار حقيقي تحدد إدارته من قبل المقترض وهو هنا الدولة.. ثم.. من قال إن الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية التي نسعى جاهدين لاستقطابها ليست قروضاً ممنوحة لهؤلاء المستثمرين؟! يعني العبرة ليست في مصدر المال.. بل في توظيفه.. فالمشروع الاستثماري المدروس بدقة، المتأكد من جدواه يُقترض له دون تردد.. وبالأصل يدخل في دراسة الجدوى لهذا المشروع تغطية التكلفة الكاملة، بما فيها خدمة الدين.. فأين المشكلة؟! سأربط أمرين ببعضهما.. 1-استثمارات الدولة.. 2-الاقتراض أو تمويل هذه الاستثمارات بقروض.. وأرى أنها فرصة لتعزيز البنية التحتية والمشاريع الاستثمارية بأشكالها المتعددة التي تنفذها الجهات الحكومية أو تشارك فيها أو تشرف عليها..جهاز الدولة الرسمي عندنا بكوادره الفنية والآلية والبشرية غير جاهز للتقاعد.. أبداً.. تقاعده الآن سينتج العديد من المشكلات منها: أنه ليس ثمة قطاع خاص قادر على تغطية المهمة التي ظلت الدولة تقوم بها حتى اليوم.. صحيح تماماً أن مشاريع الدولة بالنتائج التي وصلتها لا تشجع على المتابعة والاقتراض لمصلحتها.. لكن.. هذا لايعني أبداً انعدام الفرصة لخطوة أخرى جادة ومدروسة ومفيدة.. والأهم من ذلك ضرورية... ويمكننا أن نتعامل مع الحالة على أساس ما نوه إليه السيد رئيس مجلس الوزراء في اللقاء، من حيث إننا نواجه مشكلات ولا نواجه أزمات.. وبالتالي لكل مشكلة حل.. والمشكلة التي أفرزتها مشاريع الدولة واستثماراتها وتوظيفاتها لها حل.. بوضوح أقول: ليس بالضرورة أن تواجه مشاريع الدولة واستثماراتها ما واجهته سابقاتها.. ويمكن الاستفادة مما مضى لبناء جديد كأسلوب وأداء.. وليس من المستحيل قراءة جدوى المشاريع مسبقاً كما ليس من المستحيل أن يوفر لها كادرها القيادي الإداري والفني بعيداً عن التقييمات المزاجية المحابية. لا أستهين بإمكانية توفير هذا الكادر القيادي... لكنني أنقل انطباعاً عاماً لدى معظم المتابعين يقول: إن مثل هذا الكادر موجود ويحتاج لمن يكتشفه وقد يكون أقرب بكثير إلى عالم المشروع ومنطقه من التنقيب في البوادي والمسافات البعيدة.. بكل الأحوال أقول: نربط ربطاً كلياً بين الاقتراض لخدمة مشروع وبين كفاءة هذا المشروع وقيادته.. فإن استطاع أن يسدد تكلفته بما فيها خدمة القرض يمكن الإقدام عليه مهما ضاق هامش الربح.. وبكل الحالات نحتاج الكفاءة فعلاً ثم حسن النيات.. الدين ليس أبداً خرقاً في الاقتصاد... إنما المديونية هي الخرق.. والفرق بين الاثنين كبير.. الدين هو الاقتراض لخدمة مشروع، وسيكون مجزياً بقدر ما هو المشروع مجز.. وبالتالي ستكون العلة في المشروع فكرة ودراسة وإدارة وكوادر.. فما ذنب الدين؟!. أما المديونية فهي الاقتراض لخدمة الدين وهي حالة تفاقم لديون تمت دون دراسة دقيقة لتوظيفها في مشاريع قادرة على خدمتها.. اعقلها وتوكل.. لكن.. من يعقلها؟! ذاك هو السؤال الذي بالدين أو «بالفائظ» لا بد من الإجابة عليه. a-abboud@scs-net.org
|
|