تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سيرك سياسي

إضاءات
الاثنين 27-7-2009م
خلف علي المفتاح

لاشك أن لعبة السيرك هي لعبة رياضية مفضلة ولكنها تصبح عكس ذلك في الاستخدام السياسي.

فمن يتابع ما يقال عن عملية السلام الموضوعة في ثلاجة يتشكل لديه انطباع بأنها أشبه ما تكون بلعبة السيرك، طرفاها أمريكا وإسرائيل، فمن جهة يبدو رئيس وزراء الكيان العنصري نتنياهو وكأنه هو القضية، وعلى الطرف الآخر يبدو الرئيس الأميركي باراك اوباما وكأنه هو الحل، وما العرب أصحاب القضية إلا لاعبون ثانويون في تراجيديا السلام. وهنا تكمن المأساة الحقيقية التي حذر منها السيد الرئيس بشار الأسد وهي غياب الموقف العربي الموحد إزاء عملية السلام وتمادي قادة الكيان الصهيوني في رفضهم الانصياع إلى متطلبات الشرعية الدولية.‏

إن المتابع لمسار الصراع العربي الصهيوني يلحظ بشكل واضح أن الخط البياني لما يسمى عملية السلام بدأ بسلسلة تراجعات عربية عن ثوابت اتفقوا عليها وهم في أشد حالات الضعف, والمثال على ذلك - لاءات الخرطوم- وتمثل ذلك التراجع بتقديمهم ما سمي خطأ مبادرة السلام العربية عام 2002 وهم في حالة القوة، حيث سبق ذلك التاريخ هزيمة عسكرية وانسحاب للعدو من جنوب لبنان بفضل ضربات المقاومة الوطنية اللبنانية المدعومة من سورية والانتفاضة الفلسطينية التي أعقبت تدنيس شارون للمسجد الأقصى، وهذه مفارقة عجيبة تعكس ضعف بنية النظام السياسي العربي وعدم قدرته على استثمار عناصر القوة لديه وتوظيفها سياسياً. والأكثر غرابة من ذلك أن الكيان الصهيوني لعب لعبة سياسية فات على بعض العرب التنبه إليها وهي أنه أخذ يفتعل قضايا ثانوية وفرعية يجعل منها قضية محورية ويساوم عليها مقابل ما يسمى عملية السلام، والمثال على ذلك فتح المعابر في غزة وتجميد عمليات الاستيطان بدل الحديث عن الانسحاب الشامل من الأراضي العربية المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين. أضف إلى ذلك وهو ما يدعو للاستغراب أيضا أن وسائل الإعلام ومن بينها وسائل إعلام عربية للأسف بدأت تتحدث عن مطالب الرئيس اوباما من نتنياهو فيما يتعلق بعملية السلام ناسية أو متناسية أنها مطالب الشرعية الدولية وما استقرت عليه مقتضيات عملية السلام وليست مطالب الرئيس اوباما؟‏

إن من يتابع ما يدور في كواليس السياسة ومنابر الإعلام يدرك ان الكثير من العرب بلا ذاكرة ومازالوا في السطر الأول من لعبة السياسة الدولية فهم كانوا ضحية صراعات الحرب الباردة وساحتها الساخنة و كانوا كذلك بعدها في فترة ما سمي بمرحلة القطبية الواحدة. ففي الأولى أضاعوا فلسطين وفي الثانية فقدوا العراق وكادوا يفقدون لبنان. ومع أن العالم يشهد اليوم تحولات مهمة في طبيعة وبنية العلاقات الدولية وربما في تشكل نظام دولي جديد يتأسس على مقولات سياسية وتحالفات إقليمية بدأنا نلمس إرهاصاتها الأولى التي تتمثل بسقوط خطاب الهيمنة والحلم الإمبراطوري البوشي، عالم مقارباته الأولى مؤسسة على الحوار والحق في الاختلاف والمصالح المتبادلة والمتكافئة بعيداً عن قعقعة المدافع وثقافة البنتاغون بكل ماتعني وفي مثل هكذا ظروف يمكن للعرب من خلال إمكاناتهم الاقتصادية وموقعهم الجيوسياسي فرض أجندتهم السياسية واسترجاع حقوقهم المغتصبة عبر الفعل العربي المنظم والتنسيق والتضامن الذي دعا إليه السيد الرئيس بشار الأسد في قمتي دمشق والدوحة. فالفرص التاريخية بالنسبة للأمم والشعوب قد لا تتكرر.. فهل يستطيع النظام السياسي العربي المصاب بالصداع النصفي التقاط الفرصة التاريخية وتثبيت أجندته وحجز مقعد له في عالم يبدو أنه يسير باتجاه المجهول؟.‏

أم أنه سيبقى متفرجاً في لعبة السيرك السياسي؟..‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 27/07/2009 00:08

نحن كعرب في قضيتنا الكبرى بدور الكومبارس لقسم منا وبدور النظارة لقسم آخر منا, أما اللاعب الرئيسي والوحيد فهو إسرائيل فقط لاغير, وأما المنتج فهو أمريكا لوحدها, وأما المخرج فهو المجتمع الدولي وأممه المتحدة على الضعيف لصالح الفاجر. وبالتالي لسنا كعرب قادة فاقدي الذاكرة أو مستجدين على لعبة السياسة, بل نعرف ونشم الخديعة وندرك الضحك على الذقون, ونعرف نهاية كل بداية, لكننا نسعى لهذا وننخرط في كل بداية, إذ أننا عمليا بأسلوب ممالك الأندلس.

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 29/07/2009 13:34

الأستاذ / خلف المفتاح ، تحية طيبة : وربّما نكون في مسرحية ، العرب فيها هم (الكومبارس) ، وبهذا أقول : 1 - مشكلتنا نحن العرب هي في كوننا نتعامل مع عملية السلام بردّ الفعل ، ودائماً ردّ الفعل لدينا أقل كثيراً من الفعل ، ولهذا تجدنا في حالة عدم توازن ، وحلّ هذا الإشكال برأيي هو أن ننتقل إلى حالة المبادرة والفعل ؛ 2 - والمشكلة الأخرى التي تبعدنا عن قضيتنا الرئيس هي انشغالنا بالخلافات والمشاكل التي يوجدها لنا الآخرون ، فالعراق مشغول بالإحتلال وجلّ همّه الخروج من مظلة الفصل السابع ، والكويت مشغولة بإبقاء العراق تحت هذا الفصل ، ومصر لا استراتيجية واضحة لديها ، ولبنان غير مستقر سياسياً ، والسودان يدافع على كلّ الجبهات لمنع التقسيم ، ودول الخليج حائرة في موقفها من إيران الجارة المسلمة والصديقة ، وغير ذلك كثير ! 3 - حالة عدم التوازن هذه جعلت الآخرين يحتارون في كيفية الوقوف معنا والدفاع عن قضيتنا !

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11363
القراءات: 1092
القراءات: 841
القراءات: 995
القراءات: 872
القراءات: 938
القراءات: 953
القراءات: 909
القراءات: 982
القراءات: 930
القراءات: 966
القراءات: 908
القراءات: 935
القراءات: 973
القراءات: 1027
القراءات: 989
القراءات: 1086
القراءات: 1064
القراءات: 986
القراءات: 1050
القراءات: 990
القراءات: 1017
القراءات: 1041
القراءات: 1076
القراءات: 1314
القراءات: 1230

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية