بالقطع السوري.. تصفير الدولار
مصارف الأحد 17-3-2013 علي محمود جديد على الرغم من المساعي الحكومية المعلنة لربط الليرة السورية بسلّة عملات وبحقوق السحب الخاصة المتمركزة في صندوق النقد الدولي، على الرغم من ذلك لاحظنا أن التعامل مع الدولار وصديقه اليورو لم ينقطع
وكأن هذا الربط بسلة العملات وبحقوق السحب لم يكن فالحاً، حيث بقي ارتفاع وانخفاض سعر الصرف مرتبطاً بشكل أساسي بالدولار واليورو، وكنا نتوقع بعد حين من ربط سعر الليرة بعيداً عن هاتين العملتين سوف يساهم بتصفير التعامل فيهما والوصول إلى إيقاف تداولهما بشكل تلقائي، غير أن هذا لم يحصل وبقي ارتفاع الدولار وانخفاضه هو المقياس المزروع في رؤوس المتداولين سواء كانوا تجاراً أم مواطنين أظهرتهم الأزمة كمتداولين جدد ( ليكتمل النقل بالزعرور ) وفي الحقيقة لا يزال سماح المركزي ببيع الدولار لمن يريد من المواطنين بداية، سواء يحتاج لهذه الدولارات أم لا يحتاج، ومن ثم لمن يحتاجها فقط سواء للمعالجة أم للسفر وما إلى ذلك، لا يزال هذا السماح يثير الجدل عند الكثير من المتابعين، ففي الوقت الذي اعتبرها البعض لا مبرر لها وساهمت بالتفريط في حجم احتياطي القطع الأجنبي ولاسيما الدولار، اعتبرها البعض الآخر مؤشرا قويا يثبت قدرة الدولة العالية على التصدّي لحالات التلاعب بسوق الصرف وضبطه، وتعطي انطباعاً بأن الدولة غير مكترثة بزيادة الطلب على القطع الأجنبي لأنها تمتلك منه ما يُغطي هذا الطلب وأكثر، وهذا الانطباع من شأنه أن ينعكس واقعياً على شكل ارتفاع لسعر العملة المحلية فعلياً وزيادة قيمتها نفسياً، الأمر الذي يؤكد القدرة العملية والفعالة للمصرف المركزي في التدخّل بالسوق وضبطه.
غير أن تسارع الأحداث على الساحة السورية يضرب – على ما يبدو – هذه النظريات والمفاهيم عرض الحائط، وها قد تجاوز سعر الصرف المائة ليرة للدولار الواحد، فعلى الرغم من ثقتنا الراسخة بوهمية هذا السعر وعدم ترجمته لواقع قيمة حقيقي وإنما يترجم وقائع أخرى ( ربما ) لعلنا نقرأ أبرزها أخيراً الاضطرابات الحاصلة في الرقة وبابا عمرو، فعند بدء الاضطرابات في الرقة اقترب سعر الدولار من حاجز المئة ليرة، ومع عودة الاضطرابات إلى بابا عمرو تجاوز السعر ذلك الحاجز، فهذه الاضطرابات أوهمت المتعاملين بأن الدولة قد سجلت خسارة على الأرض، والوضع في الحقيقة ليس كذلك هي مسألة وقت ووقت بسيط بتقديراتنا لا تلبث أن تعود الأمور إلى طبيعتها، وسوف يواجه سعر صرف الدولار بعد ذلك تراجعاً على الأرجح بحجم الانتفاخ الذي رفعته تلك الاضطرابات، وبإمكاننا أن نراقب ذلك جيداً بعد حين.
على كل حال سواء كان الأمر هكذا أم لم يكن فنحن حتى الآن كأننا أمام حالة إدمان على تنصيب الدولار كمقياس لقيمة الليرة، ودول العالم في الواقع كلها تفعل ذلك لتطبيقها مفاهيم متفق عليها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لا مجال الآن لذكرها، ولا بأس في ذلك ضمن الأحوال العادية ولكننا هنا في سورية نعيش اليوم حالة استثنائية فريدة وغير مسبوقة وسببها الأساسي دولة الدولار الولايات المتحدة الأمريكية، ونحن إن كنّا مضطرين بالفعل للتعامل مع الدولار باعتباره عملة دولية يجري تداولها في مختلف أنحاء العالم، وهي مقبولة في تلك الأنحاء كلها، ولكننا بالنهاية لا نفتقد السبل البديلة إن صحّت النيات، فهناك عملات أخرى قوية وفعّالة وإن كان تداولها على نطاق أقل كالروبل الروسي، واليوان الصيني، وهنا بإمكاننا أن نجد طريقة لربط الليرة بمثل هذه العملات وتصفير الربط بالدولار واليورو نهائياً، ودعونا نستورد ونصدر بالروبل واليوان، أفلن نتجه شرقاً ..؟. . أم ما زلنا نتردد ..؟!
|