تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ليــس دكاناً .. ولا بســــطة

معاً على الطريق
الاثنين 20-7-2009م
خالد الأشهب

ليس للفنون عامة، التشكيل النحت الرواية، القصة، السينما والدراما وغيرها أن تصنع التاريخ لأمة أو شعب أو وطن، أو أن تعيد ترتيب الزمن والمكان والشخوص فيه،

لا وفقا لقائمة سعرية تدرج العمل الفني في بورصة المزاودة، فمن ارتفع سعره كرس الحقبة التاريخية التي تناولها ، ومن انخفض إيراده محا الحقبة التاريخية التي تعرض لها، ولا دفعا بأهواء مزاجية ترى مصلحتها اليوم في تغييب حقبة وإبراز أخرى من التاريخ، ولا خدمة لمصالح ذاتية فمن لم يعجبه جانب من شخصية تاريخية شطب الشخصية كلها ومن أعجبه موقف فيها أو لها أحاطها بهالة من النور والإضاءة لا تستحقها، وليس لكل هذه الفنون بالمطلق أن تصنع تاريخا لمن ليس له تاريخ أو تسلب التاريخ ممن صنعوه حقا على طريقة الطربوش الواحد والرؤوس المتعددة .‏

التاريخ عجينة قست وتصلبت منذ دهور ، لا سبيل إلى إعادة نحتها أو تشكيلها أو قضم أجزاء منها والإبقاء على أجزاء أخرى لأنها ستنكسر وتتشوه، فلا تعود تاريخا بل شيئ شبيه بالصنم، ولا سبيل إلى إعادة تطريتها وعجنها وتشكيلها لأنها ستذوب وتميع ، فلا تعود تروي قصة أو عبرة سوى قصة تشكيلها الجديد، وسوى عبرة تزييفها ونسبها الكاذب إلى التاريخ والحدث والدرس .‏

لماذا يتعاطى البعض دمشق .. أو حتى حلب وحمص وغيرها من مدن وطننا, تاريخ هذه أو تلك أو غيرها ، كما لو أنها الإقطاعة التي أورثه إياها أبوه ، يصنع بها وبتاريخها المكتوب أو المروي ما يشاء ويشتهي ، نحتا وتلوينا، نسجا ورتقا، رقعا وتمزيقا، فلا يعود مشاهد أو قارىء أو سامع العمل الفني يميز بين دمشق وأي مدينة من مددنا وبين هانوي مرة ، وبينها وبين مونت كارلو مرة أخرى ؟‏

لماذا لا يرى البعض منا الخط الأحمر بين ما يحل له التدخل فيه وبين ما يحرم عليه وأوله التاريخ ، فلا يضبط قرائحه المتفاوتة بين الشراهة والتعصب نقد أو التزام أو حقيقة ، ولا يعود يميز بين الدوس على الكدر والنحت على الحجر , أو بين الشيك المصدق ووثيقة الاستقلال ؟‏

لسنا وحدنا من يكتب التاريخ أو يصنعه، العلم يكتبه والحضارات تكتبه، والفارق بيننا وبين شعوب الأرض وحضاراتها يدلل على حقائق التاريخ ، مثلما يدلل على زيفه ، فلنتق الله والأخلاق والانتماء فيما ننحت ونكتب ونصور ونمثل إذا كان لا بد من تحويل التاريخ .. تاريخنا وتاريخ وطننا ، إلى دكان أو بسطة على قارعة الرصيف .. تبيع كل شيء وأي شيء .. فقط لتقبض وتدس في الجيب !!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية