| مسؤولية الضمير.... الافتتاحية بين الصور الإيجابية المشرقة لإكبار الضمير البشري للذين خدموا وطنهم وشعبهم، تبدو اليوم صورة نيلسون مانديلا الأوضح والأكثر إشراقاً وضياء.. العالم كله يحني له القامة، محتفياً بميلاده الـ 91 .. حتى جلادوه ورغم ما قد تخبئه قلوبهم من حقد.. مانديلا الرجل الحر الـذي قاوم مغتصبي حريته وحقوق شعبه من داخل السجن.. الصادق الشفاف الـذي صرخ في وجه إسرائيل عندما اعترضت على علاقات سورية - جنوب إفريقية.. وقال: سورية وقفت دائماً مع نضال شعبي، ولم تكن إسرائيل كذلك أبداً.. الإخلاص للشعب.. للوطن، أي شعب كان وأي وطن، ومهما كان موقف الآخر، موضع احترام دائماً، وكذلك الشفافية والضمير الأخلاقي الخلاق الذي يتمتع به أمثال «مانديلا».. ذاك هو ما نسميه ضمير البشرية الحي.. الرئيس ياسر عرفات رسم خلال سنوات حياته خطاً نضالياً نال بموجبه احتراماً دولياً فعلياً.. وقدّره المجتمع الدولي حق قدره، حتى الذين اختلفوا معه وبدرجات متباينة من الاختلاف.. احتفظوا له بحقه من التقدير لما بذله في سبيل قضيته وكفاح شعبه. عرفات كان رجلاً مهماً بالتأكيد.. واعترف العالم بما فيه الكيان الإرهابي الصهيوني العدو الأكيد له بأهميته.. وبغض النظر عن طريقته - رحمه الله- في توظيف هذا الاحترام وإدارته.. كان غيابه مفجعاً للكثيرين، وأشعر الجميع بأن ثمة صفحة من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني تطوى، ولا تطوى وسط ظروف عدوانية إجرامية إسرائيلية في جنين ونابلس ورام الله التي كان يقطنها محاصراً سجيناً في مكتبه.. مات الرجل بظروف إن لم تكن غامضة تماماً فأقل ما يقال فيها أنها أثارت الكثير من التساؤلات، بل من اللغط والارتياب والاتهامات، وذلك منذ رحيله..! نذكـّر هنا على الأقل بما قالوه جهاراً وبصوت عالٍ: زوجته وآخرون من أسرته يوم وفاته. السؤال الآن: لماذا بقي موت الرئيس عرفات.. لغزاً..؟! هل ثمة معنيّون بالتحقيق والإيضاح تقاعسوا عن مهمتهم..؟! ولماذا؟!. هل أرادوا أن يبقى هذا اللغز محلاً للتساؤل وتراشق الاتهامات..؟! هل خافوا من وحدة الشعب الفلسطيني، فتركوا قنبلة موقوتة يفجرونها عندما يشاؤون؟! لماذا لم تعنهم العدالة..؟! لماذا لم يُطلب تحقيق دولي وصولاً إلى محكمة دولية..؟! عرفات شخصية بالغة الأهمية بغض النظر عن أي موقف معه أو ضده.. بل هو من أهم شخصيات النصف الثاني من القرن العشرين.. وأن يرحل.. ويثار لغط حول رحيله ولا تهتم الجهات العالمية وغير العالمية المعنية برحيله هو أمر مخالف لنبل إرادة وضمير البشر، ويطرح الكثير من التساؤلات.. في أمور كهذه لا يجوز أن يسيطر الموقف السياسي.. العدالة لا تقبل التسييس.. وطبعاً نحن بعيدون جداً عن أي اتهام يفتقد الدليل والقرينة.. ولو توفرت الشبهات... وأكثر ما دعم الشبهات حول وفاة الرئيس عرفات هو موقف الصمت واللامبالاة الذي جوبهت به.. وما لم يمط اللثام بدقة ووضوح وشفافية كاملة عن حقيقة ما واجهه الرجل في آخر أيامه سيبقى الواقع ميداناً خصباً للأقاويل.. ولاسيما تجاه المخزون لدى الضمير البشري حول شخصية الراحل وأهميته ودوره في قضية شعبه ووطنه، وأكثر من ذلك ما كان يعرفه من خفايا وحكايا ما جرى وكان يجري حين انتهى المشوار .. فهل انتهى؟!
|
|