والحل العملي ليس بالعودة إلى أدوات الثمانينات المتمثلة بوقف تحرير الأسعار وتطبيق رقابة صارمة وهذا أسلوب ثبت عجزه ولا تستطيع تنفيذه حتى الدول المتطورة تقنياً وصناعياً وأيضا ليس الحل بمناشدة ضمائر التجار والباعة بتخفيف أرباحهم وعدم استغلال الظروف والحجج لكسب أرباح غير مشروعة .
إنما الحل من وجهة نظر علمية ينطلق من جانبين, الأول عبر قانون العرض والطلب ذاته من خلال إيجاد المناخ الصحيح للمنافسة العادلة ومنع كل أساليب الاحتكار وإيجاد أسواق شفافة من حيث السعر والمواصفة وتداول الفواتير , والجانب الثاني يتعلق بزيادة العرض من خلال توفر المادة التي يرتفع سعرها ويكثر عليها الطلب وإيجاد بدائل عنها في بعض الحالات وهذا مايطلق عليه اسم التدخل الايجابي لصالح المستهلك.
ولتفعيل الجانب الثاني ، فإن الاقتراح المطلوب لا يقتصر على التأكيد مجدداً على زيادة فعالية مؤسسات التجزئة الحكومية كالخزن والاستهلاكية والتعاونيات وغيرها وهذا كلام قديم . إنما الجديد الآن هو شراء الدولة مباشرة من المنتجين ومن الخارج وبشكل مباشر وبعيداً عن المناقصات الروتينية وهذا أمر جيد وأقدمت عليه وزارة الاقتصاد ويحتاج إلى بعض الوقت لتظهر نتائجه ، إضافة إلى توفير مخزون استراتيجي من السلع الغذائية الاستراتيجية يكفي لعام كامل وهذا ليس سراً وهو عامل نفسي مطمئن للجميع .
وعلى التوازي ، فإن التجار والصناعيين الكبار باتوا على المحك من خلال فكرة إقامة تجمعات بيع كبيرة في مراكز داخل المدن للبيع المباشر للمواطن بإشراف الدولة وللتخلص من حلقات الوساطة حيث يؤكد تجار الجملة أن أرباحهم لاتتجاوز 2% في أقصى حد لها ويتضاعف الرقم من خلال باعة المفرق والموزعين وغيرهم .
ولهذا مطلوب العمل على هذه الفكرة وعدم التهرب منها بعدما أعلن ممثلو غرف التجارة والصناعة وغيرهم من الفعاليات الاقتصادية المؤثرة استعدادهم لتحمل مسؤولياتهم الوطنية.
ولا نعتقد أن المسألة معقدة وجميع المحافظات تستطيع المساهمة بنجاح هذه الفكرة رغم تضاربها مع فكرة الأسواق التقليدية لكنها من خلال تخصصها بالمواد والسلع الأساسية تستطيع كسر الأرباح الكبيرة الضائعة غير المبررة وبذلك تساهم في استقرار الأسواق وعودتها إلى طبيعتها خلال فترة ليست طويلة .