ولا اقول سرا اذا قلت ان فلتان سعر صرف الدولار خلال الفترة الماضية ووصوله لاكثر من مائة ليرة في السوق السوداء لم يكن ارتفاعا اقتصاديا انما كان نفسيا ولاسباب مختلفة ابرزها المضاربة من قبل بعض التجار وارتباك المصرف المركزي في قراراته التداخلية وغياب الدور المطلوب لمجلس النقد والتسليف وعدم وجود تنسيق بين الفريقين الاقتصادي والنقدي.. وخروج عدد من التجار الكبار من البلد مع اموالهم والعمل في الدول المجاورة!
على اية حال سعر صرف الدولار انخفض ولم تنخفض الاسعار وانخفاض سعر صرفه امام الليرة يعود لعدة اسباب منها تحسن ثقة الناس بالليرة السورية عن السابق وتحسن الوضع الأمني على الارض في المناطق الساخنة وتدخل المركزي بشكل يومي لدرجة أنه بات (صرافاً) كبيرا يبيع لشركات الصرافة والبنوك الخاصة ماتطلبه من الدولار بالسعر التدخلي الذي يحدده.. والعارفون ببواطن الامور والمنخرطون في الصرافة يتوقعون عدم حصول ارتفاع جنوني جديد لسعر الصرف إلا في حال تراجع المركزي عن التدخل وفي حال حصول انهيار أمني وفي حال صدور قرارات دولية خطيرة ضد سورية وفي حال التدخل العسكري الخارجي(المستبعد) في سورية ..
وحتى نحد من هذا الارتفاع داخليا ونعيد الدولار الى سعره الطبيعي (بحدود 60 ل.س) مقابل الليرة ونمنع فلتان الاسعار لابد من استمرار المركزي بالتدخل ولابد من ضبط السوق السوداء ومنع الذين يصرفون الدولار خارج الشركات المرخصة.
ولابد من مساءلة ومحاسبة المضاربين ومحتكري الدولار من التجار واعلان اسمائهم في وسائل الاعلام.. ولابد من تقوية مؤسسات الدولة التدخلية وبحيث يكون وجودها في السوق افضل مما هو عليه الان ( الاستهلاكية- الخزن والتسويق- الجمعيات التعاونية) ولابد من تفعيل دور الفريقين الاقتصادي والنقدي وايجاد آلية جادة ومجدية للتنسيق بينهما..الخ.
بالمناسبة يعتقد احد اصحاب شركات الصرافة المرخصة جازما ان المصرف المركزي قادر على تخفيض سعر صرف الدولار مقابل الليرة الى الستين ليرة لكنه حريص على عدم التخفيض الحاد والفوري انما اجراء تخفيض تدريجي حرصا على عدم إلحاق الضرر بالتجار الذين اشتروا الدولار بأسعار مرتفعة لاغراض غير احتكارية كاستيراد المواد وغيرها.. الخ.
وأنا اعتقد ان نجاحنا في (كسر رأس الدولار) وتخفيض سعر صرفه الى الحدود الطبيعية بنظر الاقتصاديين الوطنيين أمر في غاية الاهمية والضرورة لاسباب سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية وحتى انسانية وفهمكم كفاية.